كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ٣٣٦
سائر الرواة الواقعين في سند الحديث، فيشترط فيه ما يشترط فيهم، ولا يدل استجازة الثقة على كونه ثقة حتى عنده، إذ لا تزيد الاستجازة على رواية الثقة عنه، فكما أنها لا تدل على وثاقة المروي عنه، فهكذا الاستجازة، فيجب إحراز وثاقة المجيز من طريق آخر.
نعم لو كان جميع أحاديث كتابه مطابقا لأحاديث كتاب معتبر، يكون أحاديثه مقبولة سواء أكان في نفسه ثقة أو ضعيفا، ولذا قال ابن الوليد أستاذ الصدوق في " محمد بن أورمة " المطعون فيه بالغلو: " إن كل ما كان في كتبه مما وجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره، فإنه يعتمد عليه ويفتي به، وكل ما تفرد به لم يجز العمل عليه ولا يعتمد " (1).
غير أن تحصيل هذا الشرط مما لا يمكن في هذه العصور، لاندراس المصنفات والأصول بعد الشيخ الطوسي، فقد أصبحت تلك الكتب بعد الجوامع الثانوية (الكتب الأربعة) مرغوبة عنها، لعدم إحساس الحاجة إلى كتابتها واستنساخها مع وجود تلك الجوامع، خصوصا بعد كلام الشيخ في آخر الاستبصار حيث قال: " وأرجو من الله تعالى أن تكون هذه الكتب الثلاثة (التهذيب والاستبصار والنهاية) التي سهل الله تعالى الفراغ منها، لا يحتاج معها إلى شئ من الكتب والأصول، لان الكتاب الكبير الموسوم ب‍ " تهذيب الأحكام " يشتمل على جميع أحاديث الفقه المتفق عليه والمختلف فيه، وكتاب النهاية يشتمل على تجريد الفتاوى في جميع أبواب الفقه وذكر جميع ما روي فيه، على وجه يصغر حجمه وتكثر فائدته ويصلح للحفظ، وهذا الكتاب يشتمل على جميع ما روي من الاخبار المختلفة وبيان وجه التأويل فيها والجمع

(1) قال النجاشي: " وحكى جماعة من شيوخ القميين عن ابن الوليد انه قال: محمد بن أورمة طعن عليه بالغلو، فكل ما كان في كتبه مما وجد في كتب الحسين بن سعيد وغيره فقل به وما تفرد به فلا تعتمده " لاحظ فهرس النجاشي: الرقم 891.
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 329 330 331 333 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»
الفهرست