المأمون يوما أنه رأى عليا في النوم فقال له: من أنت؟ فأخبره أنه " علي بن أبي طالب " قال: فمشينا حتى جئنا قنطرة فذهب يتقدمني لعبورها، فأمسكته وقلت له:
إنما أنت رجل تدعي هذا الأمر بامرأة ونحن أحق به منك، فما رأيت له في الجواب بلاغة كما يوصف عنه، فقال المأمون: وأي شئ قال لك؟ قال: ما زادني على أن قال: سلاما سلاما، فقال له المأمون: قد والله! أجابك أبلغ جواب، قال:
وكيف؟ قال: عرفك أنك جاهل لا يجاوب مثلك، قال تعالى: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) فخجل إبراهيم وقال: ليتني لم أحدثك بهذا الحديث (1).
وفي مروج المسعودي: كان المأمون يظهر التشيع وإبراهيم بن المهدي المعروف ب " ابن شكلة " التسنن، فقال المأمون:
إذا المرجي سرك أن تراه * يموت لحينه من قبل موته فجدد عنده ذكرى علي * وصل على النبي وآل بيته فأجابه ابن شكلة رادا عليه:
إذا الشيعي جمجم في مقال * فسرك أن يبوح بذات نفسه فصل على النبي وصاحبيه * وزيريه وجاريه برمسه (2) وفي شرح النهج: أمر المأمون بإشخاص " سليمان بن محمد الخطابي " من البصرة، فلما مثل بين يديه قال له: أنت القائل: " العراق عين الدنيا، والبصرة عين العراق، والمربد عين البصرة ومسجدي عين المربد وأنا عين مسجدي " وأنت أعور؟ فإذن عين الدنيا عوراء! قال: لم أقل ذلك ولا أظن أنك أحضرتني لذلك، قال: بلغني أنك أصبحت فوجدت على سارية من سواري مسجدك " رحم الله عليا أنه كان تقيا " فأمرت بمحوه، قال: كان " لقد كان نبيا " فأمرت بإزالته، فقال له المأمون: كذبت، كانت القاف أصح من عينك الصحيحة، والله! لولا أن أقيم لك عند العامة سوقا لأحسنت تأديبك (3).