وحينئذ، فقوله: " والمشعر بابه " أيضا محرف " وعرفات بابه " وليس من تصحيف النسخة، حيث إن عنوانه: باب العلة التي من أجلها صير الموقف بالمشعر ولم يصير بالحرم.
كما أن قوله: " فلما نظر إلى طول تضرعهم أمرهم بتقريب قربانهم وقضوا تفثهم " لا يخلو من تحريف أيضا كما لا يخفى، والظاهر أن الأصل: أمرهم بتقريب قربانهم في الحجاب الثالث وهو منى، فلما قضوا تفثهم فيها وتطهروا من الذنوب التي كانت لهم حجابا دونه أمرهم بالزيارة على طهارة.
هذا، وعنونه ابن النديم في مقالته العاشرة في أخبار الكيميائيين وقال: وكان متصوفا وله أثر في الصنعة وكتب مصنفة، فمن كتبه " كتاب الركن الأكبر " كتاب:
الثقة في الصنعة (1).
ثم إن ابن النديم وأبا نعيم جعلا " ذو النون " كالاسم له، لكن الدميري في حياة حيوانه - بعد نقله عنه حكاية في العقرب - قال: واسمه " ثوبان بن إبراهيم " وقيل:
الفيض بن إبراهيم (2).
قلت: وعلى كون اسمه غير ذي النون لعل وجه اشتهاره بذي النون - والنون الحوت - ما في الحلية عنه والعهدة عليه قال - وسئل عن خيار من رأى -: ركبنا مرة البحر إلى جدة ومعنا فتى من أبناء نيف وعشرين قد ألبس ثوبا من الهيبة، فكنت أحب أن أكلمه فلم أستطع بينما تراه قارئا وبينما تراه قائما وبينما تراه مسبحا، إلى أن رقد ذات يوم وقعت في المركب تهمة إلى أن بلغوا في التفتيش إلى الفتى النائم، فقال صاحب الصرة: لم يكن أحد أقرب إلي من هذا الفتى النائم، فلما سمعت ذلك قمت فأيقظته (إلى أن قال) فرفع الفتى يديه يدعو وخفت على أهل المركب من دعائه وخيل إلينا أن كل حوت في البحر قد خرج في فم كل حوت درة، فقام الفتى إلى جوهرة في حوت فأخذها وألقاها إلى صاحب الصرة، وقال: