قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٨٧
أقول: وفي الاستيعاب: كان فتى مكة شبابا وجمالا وتيها، وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب، وكان أعطر أهل مكة يلبس الحضرمي من النعال، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " ما رأيت بمكة أحسن لمة ولا أرق جلة ولا أنعم نعمة من مصعب " فبلغه أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم فدخل وأسلم، وكتم إسلامه خوفا من قومه، فكان يختلف إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سرا، فبصر به عثمان بن طلحة يصلي فأخبر به قومه، فأخذوه فحبسوه فلم يزل محبوسا إلى أن خرج إلى أرض الحبشة في أول من هاجر إليها، وبعثه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة قبل الهجرة بعد العقبة الثانية يقرئهم القرآن ويفقههم في الدين، وكان يدعى القارئ والمقرئ، ويقال: إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة؛ قال خباب: قتل مصعب يوم أحد ولم يكن له إلا نمرة كنا إذا غطينا رجليه خرج رأسه، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر " وكانت راية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر ويوم أحد بيده.
وقال أبو جعفر الإسكافي - في نقض عثمانيته -: بنزول آية (وأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) في مصعب بن عمير نقلا عن المفسرين، ردا على الجاحظ في قوله بنزولها في أبي بكر (1).
وفي شرح ابن أبي الحديد: في الحديث نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى مصعب بن عمير مقبلا وعليه إهاب كبش قد تمنطق به، فقال: انظروا إلى الرجل الذي قد نور الله قلبه، لقد رأيته بين أبوين يغذوانه بأطيب الطعام والشراب، فدعاه حب الله ورسوله إلى ما ترون (2).
وفي أسد الغابة - مسندا عن عبيد بن عمير -: وقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على مصعب وهو منجعف على وجهه يوم أحد شهيدا - وكان صاحب لواء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - فقال:
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من

(١) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١٣ / ٢٧٣.
(٢) شرح نهج البلاغة: ١٠ / 156.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»