قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٣٧
يحمل راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه، وإن له إمرة كلعقة الكلب أنفه (1).
وروى المدائني خبرا طويلا في محاجة ابن عباس في مجلس معاوية مع مروان وعمرو بن العاص وغيرهما، وفيه: فقال مروان: يا بن عباس إنك لتصرف بنابك (2) وتوري نارك كأنك ترجو الغلبة وتؤمل العافية، ولولا حلم معاوية عنكم لناولكم بأقصر أنامله، فأوردكم منهلا بعيدا صدره، ولعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه منكم، ولئن عفا عن جرائركم فقديما نسب إلى ذلك. فقال ابن عباس:
وإنك لتقول ذلك يا عدو الله و [ابن] (3) طريد رسول الله والمباح دمه، والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أثباجه! أما والله! لو طلب معاوية ثأره لأخذك، ولو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله وآخره (4).
وفي الطبري - بعد ذكر خطبة عثمان وقوله للناس بأني أتوب عما عابوني -:
فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان ونفرا من بني أمية لم يكونوا شهدوا الخطبة، فلما جلس قال مروان لعثمان: أتكلم أم أصمت؟ فقالت نائلة: امرأة عثمان: لابل اصمت، فإنهم والله قاتلوه! إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها، فأقبل عليها مروان فقال: ما أنت وذاك؟ فو الله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ! فقالت له: مهلا يا مروان عن ذكر الآباء، تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه، وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله! لولا أنه عمه وأنه يناله غمه أخبرتك عنه ما لم أكذب عليه. فأعرض عنها مروان ثم قال لعثمان: أتكلم أم أصمت؟ قال: بل تكلم، فقال مروان: والله! لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع، فكنت أول من رضي بها وأعان عليها، ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين وخلف السيل الزبى، وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل، والله! لإقامة على خطيئة تستغفر منها أجمل من توبة تخوف عليها، وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس.
فقال عثمان: فأخرج إليهم فكلمهم فأني أستحيي أن أكلمهم. فخرج مروان إلى

(١) شرح نهج البلاغة: ٦ / ١٤٦.
(٢) في المصدر: أنيابك.
(٣) لم يرد في المصدر.
(٤) شرح نهج البلاغة: ٦ / 299.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»