صديقا لعتبة بن ربيعة فنزل عليه، فقال له عتبة: خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله، سفه أحلامنا وسب آلهتنا وأفسد شبابنا وفرق جماعتنا. فقال له أسعد: من هو منكم؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفا، وأعظمنا بيتا، وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود: إن هذا أوان خروج نبي يخرج بمكة، يكون مهاجره بالمدينة، فلما سمع ذلك أسعد، وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود.
قال: فأين هو؟ قال: جالس في الحجر ولا يخرجون من شعبهم إلا في الموسم فلا تسمع منه ولا تكلمه، فإنه ساحر، يسحرك بكلامه، وضع في أذنيك القطن حتى لا تسمع كلامه، فدخل أسعد المسجد، وقد حشا أذنيه بالقطن فطاف بالبيت ورسول الله صلى الله عليه وآله جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم، فنظر إليه نظرة فجازه، فلما كان في الشوط الثاني، قال في نفسه: ما أحد أجهل مني؟ أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم، فأخذ القطن من أذنيه ورمى به.
وقال لرسول الله: أنعم صباحا فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه إليه وقال: قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا، تحية أهل الجنة السلام عليكم.
فقال له أسعد: إلى ما تدعو يا محمد؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وأدعوكم أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم، ثم ذكر إلى آخر ما في الآيات.
فلما سمع أسعد هذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وقال:
كلمات تدل على رسوخ الاسلام في قلبه.
ثم أقبل ذكوان فقال له أسعد: هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به وتخبرنا بصفته فهلم وأسلم، فأسلم ذكوان. ثم قالا: يا رسول الله، ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن، ويدعو الناس إلى أمرك. فقال رسول الله لمصعب بن عمير:
وكان فتى حدثا بين أبويه يكرمانه ويفضلانه على أولادهم ولم يخرج من مكة، فلما أسلم جفاه أبواه وكان مع رسول الله في الشعب فأمره رسول الله بالخروج مع