ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
وأيضا قولهم: لا يروون إلا عن ثقة، مرادهم كونهم ثقة عنده وباعتقاده، لا الثقة في الواقع ونفس الأمر وعند الكل. كما يقولون في مدح زيد مثلا: لا يأتم إلا بالعادل، ولا يتصرف إلا في الحلال، يعني العادل باعتقاده وكذا الحلال في نظره، لا العادل الواقعي ولا الحلال الحقيقي. ولا يقولون بعصمتهم وأنهم لا يخطئون، فلا ينافي الوثاقة لرجل عند رجل مع ثبوت ضعف له عند آخر.
فلو ثبت ضعف لبعض من يروى عنه هؤلاء الأجلاء عند بعض المتأخرين، فلا يكون نقضا لما ذكروه، لأن تضعيفات المتأخرين مبتنية على مبانيهم فيما إذا كانت مرسلة هؤلاء الأجلة أو غيرهم خلاف المشهور، وخلاف الاجماعات المنقولة، أو رواياتهم عن رجل ضعفوه، ككونه ممن روى مدح المفضل وجابر الجعفي وأضرابهما، فمن ضعفهما ضعف من مدحهما ومن نقل مدحهما.
فنذكر لك أنموذجا لما قلناه: منها رواية عبد الله بن المغيرة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) كما في يب ج 1 في في باب المياه ص 415 قال: إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شئ والقلتان جرتان. فرده الشيخ بأنه خبر مرسل واحتمل فيه التقية، أو كان هذا المقدار مطابقا لمقدار الكر، وسر هذا الرد كون مضمون الرواية خلاف المشهور، بل خلاف الاجماع المركب.
ومنها نقل صفوان بن يحيى ومحمد بن أبي عمير كتاب علي بن أبي حمزة البطائني، ولا وجه لتضعيفهما لذلك، فإنه من الممكن أنهما يثقان بما نقله حال سلامته واستقامته من مولانا الكاظم (عليه السلام) الذي يعتقد إمامته، كما تكون رواياته التي نقلها من مولانا الكاظم (عليه السلام) حال استقامته مقبولة معمولا بها عند الأصحاب، نعم رواياته التي هي راجعة إلى مذهبه الباطل هو ملعون فيها كذاب.