ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم، انتهى.
وقال النجاشي في ترجمة محمد بن أبي عمير ص 229 بعد توصيفه وتجليله وتعظيمه: فلهذا: فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله، انتهى.
والشيخ في يب ج 1 في باب المياه ص 414 بعد نقله مرسلة ابن أبي عمير في العجين النجس أنه يدفن ولا يباع قال: وبهذا الخبر نأخذ دون الأول، انتهى.
ولا يرد الإشكال على قولهم أنهم لا يروون إلا عن ثقة، نقل بعض رواياتهم عن الضعفاء، لأن الرواية عن الضعيف في حد نفسه من حيث هو عمل بها الأصحاب من الفقهاء والمحدثين من القدماء والمتأخرين، فإن كتب الحديث وكتب الفقه مملوءة من رواية الضعفاء.
قال العلامة الخوئي في رجاله ص 82: وأما الرواية عن ضعيف أو ضعيفين أو أكثر في موارد خاصة، فهذا لا يكون قدحا، ولا يوجد في الرواة من لم يرو عن ضعيف أو مجهول أو مهمل إلا نادرا، انتهى.
ولكنهم - قدس سرهم - مختلفون في العمل برواية الضعفاء، فإن كانت الرواية الضعيفة مطابقة للاحتياط، وعمل بها المشهور، ونقلت الاجماعات على العمل بمضمونها، عملوا بها، وقالوا: الضعف منجبر بعمل الأصحاب، وقد يستندون إلى الضعفاء في إثبات أعمال السنن والآداب، لأنهم يتسامحون في أدلة السنن والأخبار (من بلغ) وإن كانت راجعة إلى الفطريات والأخلاقيات فهي تذكرة إلى ما يجده العاقل من العقل والفطرة، وإن كانت راجعة إلى أصول الدين، فواضح أنه لا تؤخذ العقائد إلا من الكتاب والسنة المفيدة للعلم، الثقلين خليفتي رسول الله (ص) في أمته.
وأيضا لو كان المحدث يترك كلما يزعمه ضعيفا لانجر إلى ضياع كثير من الأخبار، فإنه يفهم أنه ربما يكون حديثا ضعيفا عند رجل، قويا عند آخر،