ليلة مقدار من التمر الزهدي ولهم سبعة أيام لم يذوقوا خبزا ولا أرزا، وفي هذا اليوم ذهب ليأخذ من البقال شيئا لعشائهم فقال له البقال: قد بلغ دينك كذا.
فاستحيى من البقال ولم يأخذ منه شيئا وقد بات هو وعياله بغير عشاء وأنت تتنعم وتأكل، وهو الشيخ محمد نجم العاملي تعرفه ويصل إليك.
فقال السيد جواد: والله مالي علم بحاله. فقال بحر العلوم: لو كان لك علم بحاله ولم تلتفت إليه لم تكن مسلما، وانما أغضبني عليك عدم تجسسك عن إخوانك وعدم علمك بأحوالهم، فخذ هذه الصينية يحملها معك الخادم تأخذها منه عند وصولك إلى باب أخيك الشيخ محمد نجم ويرجع الخادم، فاطرق الباب عليه وقل له: اني أحببت أن أتعشى معك الليلة، وضع عنده هذه الصرة تحت فراشه - وكان فيها ستون شوشي - وابق الصينية ولا ترجعها، واعلم أني لا أتعشى حتى ترجع إلي فتخبرني أنه قد تعشى وشبع.
فذهب السيد إلى دار الشيخ وأخذ الصينية من خادم السيد ودخل على الشيخ ووضع الصينية على الأرض وقال للشيخ كما أمره السيد. فلما نظر الشيخ إلى الطعام قال للسيد: ليس هذا الطعام من دارك فإنه مطبوخ نفيس لا يقدر العرب على طبخ مثله ولا نأكله حتى تخبرني بأمره.
فأصر عليه السيد جواد بالاكل وأصر الشيخ على الامتناع، فأخبر السيد بالقصة فقال: والله ما اطلع أحد على حالنا (أحد من جيرتنا فضلا عمن بعد) وان هذا السيد لشئ عجيب 1).