تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ٤٠٥
ذكره بالفضل والجامعية، وترتب على وجوده بعض أمور الخيرية.
وكان إذا جلس في مجلس أو ركب في سفينة للزيارة لا يخرج من ذلك المجلس أو من تلك السفينة الا وهو مالك لقلوب الكل، حتى اتفق أنه تكلم في فضل تعلم العلم في بعض أسفاره إلى كربلا وهو في الطرادة، فلما رجعنا إلى النجف ترك جماعة الكسب والتجارة وصار يقرؤن العلم ويراجعونه في المشورة عند من يقرأون، كالشيخ جاسم والشيخ علي الخياط رحمة الله عليهما وغيرهما.
وبالجملة كانت فيه ربانية جاذبة وصفاء باطن، وبينما هو كذلك إذ عرض له سعال ثم بحة في صوته أصابته عين لامة، فأوجب عليه الأطباء اما المعالجة أو تغيير الهواء إلى جبل عامل الوطن الأصلي، فاختار الثاني لسهولته بالنسبة إلى الأول عليه على مداقة وشدة أيامه، والا فقد بذلت الأموال الخطيرة لمعالجته، فأبى أن يقبل من أحد شيئا، حتى أن الشيخ الأعظم الشيخ محمد حسن آل يس الكاظمي قال للسيد حسن ويوسف الجموشي: والله لو توفقت معالجة الشيخ موسى على بيع عمامتي التي على رأسي لبعتها. فالتمسه على الإقامة للمعالجة عند الحكيم باشي الطهراني فأبى وقال: هذا مزيد في مرضي.
فزمت ركائبه إلى نحو البلاد في سنة ثمان وتسعين ومائتين بعد الألف، ولما ورد بنت جبيل كتب لي أنه قد حسنت أحوالي بل صلح مزاجي وستراني عندك انشاء الله عن قريب.
ولما اطلع أهل البلاد عليه وعلى فضله وعلمه وربانيته وقوته العلمية والعملية مع كمال المعرفة بالسياسة ومواقع الأمور أكب عليه أهل العلم وعرفوا قدره، وتصدى للتدريس وتربية المشتغلين، وهو مع ذلك مشغول في احياء السنن وهداية الناس وترويج الدين وابطال بعض ما كانوا عليه من العادات غير المشروعة، فأعلى كلمة الدين وأعز بسيرته الشرع المبين، وصارت البلاد تزهر بنور علمه
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»
الفهرست