تصدير من البديهي أن معرفة سند الحديث تعتبر من أهم وأوسع سبل الوصول إلى معرفة اعتبار الحديث والتعويل عليه. وغالبا ما تتيسر هذه المعرفة عن طريق المصادر التاريخية التي تتناول موضوع الرواة ورجال الحديث. وفي ميدان علم الرجال تؤخذ تصريحات المشايخ المتقدمين في الجرح والتعديل كواحدة من ملاكات معرفة الراوي.
ومن جملة أعلام علم الرجال في القرنين الرابع والخامس للهجرة، الحسين بن عبيد الله الغضائري، وابنه أحمد بن الحسين الغضائري. وهذا ما جعل كتاب ابن الغضائري يحظى بأهمية فائقة بين الكتب الرجالية المهمة في ذلك العصر؛ أي كتب رجال الكشي، والبرقي، والنجاشي، ورجال وفهرست الشيخ الطوسي.
فقد وضع تقييمه للرواة في هذا الكتاب على أسس خاصة به في الجرح والتعديل. بيد أن مرور الأيام وتعاقب الدهور حال دون وصول هذا الكتاب إلى أيدي علماء رجال القرون المتأخرة. ولم تبق منه إلا فصولا وردت في مجمع الرجال لعناية الله القهبائي، وقد حظيت هذه الفصول باهتمام العلماء الذين جاءوا من بعده.