وقوله جل شأنه: (وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله) (1)، وأن الفخر ما دام قد بحث الموضوع بشكل كامل في الآية الأولى فإنه يكفيه أن يذكر شيئا يسيرا في تفسير الآية الأخرى لمجرد التذكير بأن دلالة هذا النص على موضوع معين كدلالة ذلك!!
ولم يقتصر على هذا لا في التفسير ولا في كتبه الأصولية، بل ظل يتعقب أقوال نفاة حجية القياس ويدحضها في سائر المواضع ذات العلاقة به، شأنه في ذلك شأنه في بحث سائر الأمور تخالف عقيدته الأشعرية أو مذهبه الشافعي.
وكيف فات هذا الكتاب - وهو فيما يبدو من كلامه يعرف القائلين بحجية القياس، والنافين له - أن أهم ما تمسك به جمهور أهل السنة في الاستدلال لقولهم بحجية القياس من القرآن الكريم قوله تعالى: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) (2)، وهذه الآية من سورة الحشر، أي من السور التي ادعى أنه أثبت كونها من تفسير الفخر.
والامام الفخر حينما وصل إلى تفسير هذه الآية قال: " اعلم أنا قد تمسكنا بهذه الآية في كتاب " المحصول من أصول الفقه " على أن القياس حجة فلا نذكره ها هنا " (3).
وفي مواضع متعددة من التفسير كان يفعل كما فعل في تفسيره لاية الشورى فيذكر أن نفاة حجية القياس استندوا إليها فيما ذهبوا إليه، ويبين وجه استدلالهم (4) لا لأنه يرى رأيهم، بل لمحاولة استقراء كل ما يمكن أن يؤخذ من الآية من قبل علماء أية فرقة أو مذهب. وكذلك يفعل في سائر المواضيع سواء أكانت أصولية، أو كلامية أو فقهية أو سواها.