هذا: ولعل فيما أوردنا ما يكفي لاقناع هذا الباحث ونحوه بخطأ ما ذهب إليه، ولعلنا نتعظ ونتروى فلا نتجنى على العلم وأهله نتيجة قلة الاطلاع، أو قصورهم الفهم، أو بدافع من الرغبة في شهرة زائفة زائلة.
بقي شئ في هذه المسألة أود التنبيه عليه - وهو: أن الفخر - رحمه الله - كان يرى أن المعاصرين له من علماء بلاده يتمسكون بالقياس على غير الطريقة المذكورة في كتب المتقدمين (1)، وكان يرى أن كثيرا من هؤلاء العلماء لا يعرفون أن حجية القياس محل نزاع (2)، وكل ما يعرفونه ويؤكدونه أن القياس حجة.
وحين يطلب منهم الاستدلال على حجيته فإنهم يحتجون بأمور ضعيفة. ولما كان هؤلاء بمكانة قد لا تسمح لهم بالتتلمذ عليه - فإنه كان يرى في المناظرة أسلوبا لتعليمهم من غير أن يشعرهم بذلك، يدرك ذلك من يقرأ مناظراته، ومن المسائل الستة عشر التي اشتملت عليها مناظراته كان نصيب القياس منها اثنتين هما السابعة والثامنة (3).
فلعله حين رأى هذه الحالة ألف كتابا خاصا يبحث موضوع القياس أسهب فيه في بيان أدلة القائلين بعدم حجيته، ثم رد عليهم، ليستفيد من هذا الكتاب معاصروه فاشتهر - " إبطال القياس " وإلا فإنه قد ثبت بما لا يدع مجالا لأدنى شك أن الامام واحد من أئمة القائلين بحجية القياس.
ب - إحكام الاحكام:
ذكره القفطي في أخبار الحكماء (192)، وابن أبي أصيبعة في عيون الانباء (2 / 30) والصفدي في الوافي (4 / 255)، والبغدادي في هدية العارفين (2 / 107)، ولم نجد - فيما اطلعنا عليه من مؤلفاته - إشارة إليه، كما لم تشر إليه كتب الأصول التي اطلعنا عليها، فلعله من كتبه المفقودة.