على كون الرفع فيه موجبا للامتنان لا مخالفا له بل الامر كذلك ولو كان النسيان مستوعبا لتمام الوقت أيضا فإنك قد عرفت ان شمول حديث الرفع يتوقف على كون الفعل الصادر عن النسيان مثلا ذا حكم شرعي يرتفع حال النسيان وليس ترك الصلاة المشتملة على السورة في تمام الوقت إلا ذا حكم متعلق به وحكم مترتب عليه اما الحكم المتعلق به وهو الحرمة فلا ريب في ارتفاعه حال النسيان لكنه لا يثبت كون بقية الأجزاء مأمورا بها لاحتمال سقوط الامر بالكلية وأما الحكم المترتب عليه وهو وجوب القضاء خارج الوقت فهو غير قابل لان يرتفع عند قوات الصلاة عن نسيان لان وجوب القضاء إنما ثبت لمطلق الفوت حتى ما كان لنسيان أو نوم أو غيرهما فلو لم يمكن تصحيح الصلاة بمثل لا تعاد كما إذا كان الجزء المنسي من الأركان مثلا فلا ريب في ثبوت القضاء وعدم ارتفاعه بحديث الرفع (وتوهم) ان حديث الرفع يوجب رفع الجزئية الثابتة للجزء المنسي فيكون الاتيان بغيره موافقا للمأمور به كما يرتفع جزئية الجزء المجهول به ويثبت الامر بغيره من الاجزاء (مدفوع) بأن المجهول في ذاك المقام إنما هو نفس الجزئية والمفروض ثبوت العلم بجزئية غيره فيجب الاتيان بها وهذا بخلاف المقام فإن المنسي فيه هو الجزء دون الجزئية وليس ترك الجزء موضوعا لحكم شرعي حتى يرتفع برفعه في عالم التشريع (نعم) لو ورد دليل بالخصوص على أن ترك السورة المنسية مثلا في حكم العدم فلا بد من حمله على رفع جزئيته حال النسيان ولكن أين ذلك من حديث الرفع الغير المختص بخصوص مورد (وقد) أشرنا في بعض المباحث السابقة إلى أن الحكم الثابت بنحو العموم إذا كان شموله لمورد محتاجا إلى عناية زائدة فمقتضى القاعدة عدم شمول العموم له لا الحكم بالعموم واثبات تلك العناية وسيأتي في بحث الأصل المثبت توضيح ذلك مفصلا إن شاء الله تعالى فظهر مما ذكرناه انه لا وجه للتمسك بحديث الرفع لموارد نسيان الاجزاء أو الشرائط مطلقا بل التمسك به في تلك الموارد موجب لهدم القواعد المذكورة في باب الخلل في احكام النسيان قبل تجاوز المحل أو بعده وكون المنسي ركنا أو غير ركن وكيف كان فشمول حديث الرفع لموارد الأحكام التكليفية إنما يكون إذا كان المورد لها في الخمسة المذكورة فيه موضوعا لذلك الحكم أو متعلقا له بنحو الانحلال ومع ذلك كان في رفعه منة أيضا واما إذا كانت الاحكام وضعية ففيها تفصيل باعتبار أن موارد هذه الخمسة قد تكون من قبيل المسببات في العقود والايقاعات أو من قبيل الطهارة والنجاسة أو من قبيل الأسباب اما المسببات العقدية
(١٧٥)