فرض تقدم الخاص أو تأخره لما ذكرناه لا لتقدم أصالة عدم النسخ على أصالة العموم (بقي هنا) أمران لا بأس بالتعرض لهما (الأول) انهم ذكروا ان الخاص إذا ورد قبل زمان العمل بالعام تعين في التخصيص ولا يكون لاحتمال النسخ مجال أصلا لاستحالة النسخ قبل حضور وقت العمل بالخاص ولا يخفى عليك ان أصالة عدم التخصيص وإن لم تكن جارية مع وجود الخاص كما عرفت إلا أنه لا مانع من النسخ قبل حضور وقت العمل في حد ذاته (توضيح ذلك) ان النسخ (تارة) يكون من جهة انتهاء أمد الحكم بانتهاء المصلحة الكامنة في متعلقه (وأخرى) يكون من جهة ان جعل الحكم كان لأجل مصلحة في نفس الاظهار من امتحان ونحوه فانتهى أمدها (وثالثة) يكون من جهة ان جعل الحكم كان لأجل غرض آخر قد تحقق في الخارج فارتفع كما في قوله تعالى (إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجويكم صدقة) الذي نسخ بعد امتثال أمير المؤمنين (ع) لهذا الحكم قبل نجواه مع رسول الله صلى الله عليه وآله فكان الغرض منه هو اظهار شرافة مقام أمير المؤمنين عليه السلام (ثم إن) القضية على ما بينا مرارا قد تكون حقيقية وأخرى خارجية والقضية الحقيقية قد تكون في الموقتات وقد تكون في غيرها أما القضية الحقيقية الغير الموقتة فلا معنى لحضور وقت العمل فيه أصلا فإنها متكفلة لثبوت الحكم على تقدير وجود موضوعه من دون توقف على ثبوت موضوعه في الخارج أصلا وقد ذكرنا ان أكثر الأحكام المجعولة في الشريعة من هذا القبيل فيصح فيها النسخ بكل الوجوه المتصورة في النسخ وأما القضايا الخارجية أو القضايا الحقيقية الموقتة قبل حضور وقت العمل بها فالنسخ على الوجه الأول وان لم يكن معقولا فيها إلا أنه لا مانع من النسخ على الوجهين الأخيرين فلا يفرق في جواز النسخ بين أن يكون قبل حضور وقت العمل أو بعده إذ استحالة قسم واحد من النسخ قبل حضور وقت العمل لا تستلزم استحالته مطلقا (الثاني) انهم بعد خلافهم في جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب والتكلم بما له ظاهر وإرادة خلافه اتفقوا على ما قيل على قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ولاجله وقع الاشكال في المخصصات الواردة من الأئمة المتأخرين (ع) بالإضافة إلى العمومات الصادرة عن النبي أو أمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما الطاهرين فذهب كل إلى طرف (فمنهم) من ذهب إلى كون تلك المخصصات كلها ناسخة لتلك العمومات لاستحالة التخصيص بعد حضور وقت العمل (وقد ورد عليه) بعدم امكان النسخ بعد النبي صلى الله عليه وآله لانقطاع الوحي (وفيه) انه قد تظافرت الاخبار والآثار المروية عنهم صلوات الله
(٥١٦)