والحرمة (ولكن) الجهة الأولى لا يهمنا التكلم فيها لعدم ترتب ثمرة مهمة عملية أو علمية عليها، مع وضوح ان ملاك حكميتها انما هو بانتهائها إلى جعل الشارع تأسيسا أو إمضاء وإرادته في مقام التشريع بلا واسطة أو معها، حيث إنه بذلك ينضبط وضعية الحكم ويميز عن غيره لانحصار مصداقه حينئذ بالاعتباريات المجعولة أو المنتزعة بحقائقها عن التكليف (وانما المهم) هو التكلم فيها من الجهة الثانية في أن حقائقها مجعولة بالجعل المتعلق بها أصالة أو تبعا، أو انها منتزعة من التكليف محضا (وتنقيح المقال فيها) يستدعى افراد كل ما عد كونه من الوضعيات بالبحث ليتضح ما هو المجعول منها استقلالا أو تبعا، وما هو المنتزع من التكليف محضا.
فتقول ان ما عدا كونه من الوضعيات أمور (منها) الجزئية والشرطية والمانعية والسببية (وقد يتوهم) كونها بأجمعها أمورا انتزاعية صرفة من التكليف لا تنالها يد الجعل التأسيسي والامضائي لا استقلالا ولا تبعا (ولكنه) توهم فاسد (بل الحري) الحقيق هو التفصيل بين المذكورات فنقول: (اما الجزئية) للواجب فهي كما أفادوه انتزاعية صرفه من التكليف المتعلق بعدة أمور متكثرة خارجية (بداهة) ان اعتبار عنوان الجزئية للشئ في المركبات الاعتبارية كعنوان الكلية انما ينتزع من نحو ارتباط بين الأمور المتكثرة الحاصل من طرو وحدة اعتبارية عليها من قبل وحدة التكليف أو اللحاظ أو الغرض ونحوها، حيث إنه بطرو إحدى الوحدات عليها يحصل نحو ارتباط بين تلك الأمور، فينتزع به عنوان الجزئية لكل واحد منها وعنوان الكلية للمجموع و يختلف ذلك باختلاف ما يضاف إليه الجزئية من الملحظ أو الغرض أو الواجب والمأمور به، والا فمع قطع النظر عن طرو وحدة ما عليها لا كلية ولا جزئية بل لا تكون الا متكثرات خارجية (وعليه) فمنشأ اعتبار الجزئية للواجب يتمحض بالوحدة الطارية على المتكثرات من قبل تعلق تكليف واحد بها وانبساطه عليها دون غيرها من الوحدات الاخر لحاظية أو غيرها، وبدونه لا مجال لاعتبار الكلية ولا الجزئية بالإضافة إلى الواجب، وإن كان هناك وحدات أخر لحاظية أو غيرها، لأن هذه انما تجدي في اعتبار الجزئية بالنسبة إلى الملحوظ وغيره لا بالنسبة إلى الواجب