إحراز ملاك التكليف والشك في القدرة بلزوم الاحتياط وعدم الاعتناء باحتمال عدم القدرة على الامتثال (فالتحقيق) حينئذ هو حجية الاستصحاب مطلقا سوأ في الشك في المقتضى أو الرافع أو رافعية الموجود، وسواء فيه بين كون المستصحب مغيا بغاية شك في تحققها من جهة الشبهة الحكمية أو المفهومية أو الموضوعية، وبين غيره كل ذلك لعموم حرمة نقض اليقين بالشك الشامل لجميع هذه الأقسام: وانما أطلنا الكلام في المقام حرصا لدفع بعض الشبهات عن الأذهان الناشئ من مصير مثل الشيخ قدس سره إلى التفصيل المزبور والله العالم بحقائق الأمور (هذا كله) في التفصيل الأول.
واما التفصيل الاخر وهو المنسوب إلى الفاضل التوني قده بين الأحكام التكليفية والوضعية بحجية الاستصحاب في الأول دون الثاني (فمنشؤه) هو تخيل ان الأحكام الوضعية أمور عقلية انتزاعية لا تكون بنفسها أثرا مجعولا ولا موضوعا لاثر كذلك حتى يجري فيها الاستصحاب (ولكنه تخيل فاسد) فان قصر حجية الاستصحاب بما إذا كان المستصحب كذلك دعوى بلا بينة ولا برهان (فان ما لا بد منه) في باب الاستصحاب هو ان يكون الأثر المصحح لجريانه مما أمر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسيط منشأ انتزاعه، إذ لا نعني من شرعية الأثر ومجعوليته في نحو المقام الا هذا المقدار (و بعد) إن كانت الأحكام الوضعية طرا مما ينتهي امرها إلى الشارع وتنالها يد الجعل والرفع التشريعي ولو بتوسيط مناشئها، فلا محالة يجري فيها الاستصحاب لعموم أدلته القاضي بعدم اختصاصه بما هو أثر شرعي بنفسه بلا واسطة (وعليه) فلا وقع لهذا التفصيل، ولا يحتاج في دفعه بأزيد مما ذكرناه وحيث انتهى الكلام إلى ذلك فالحري هو عطف عنان القلم إلى البحث عن حقيقة الأحكام الوضعية وبيان مجعوليتها أو انتزاعيتها وتفصيل أقسامها بقدر ما يسعه المجال (فنقول): وعليه الاتكال انه قد اختلف كلماتهم في الأحكام الوضعية (تارة) في عددها ومقدارها (وأخرى)