لا ان المقصود نفى هذه الأصول برمتها عن كونها من باب الاستصحاب بنحو السلب الكلي (ومن الواضح) انه يكفي هذا المقدار من التشكيك في المنع عن التشبث بهذه الأصول العدمية لا ثبات الاتفاق المزبور، مضافا إلى وجدان الخلاف منهم في اعتبار الاستصحابات العدمية.
(ثم إن في قبال ذلك) توهم آخر، وهو دعوى مفروغية عدم جريان الاستصحاب في الأمور العدمية والاعدام الأزلية الناشئة من عدم تحقق علل وجودها (بتقريب) انه لا بد في جريان الاستصحاب من كون المستصحب أثرا شرعيا أو موضوعا لاثر شرعي حتى يكون التعبد بالبقاء بلحاظ ذلك الأثر، والا فلا يجري الاستصحاب بمحض كون الشئ متيقنا سابقا ومشكوكا لاحقا، والاعدام الأزلية كعدم الوجوب والحرمة وعدم الجعل كلها من هذا القبيل، لان العدم بما هو عدم ليس أثرا شرعيا تناله يد الجعل والرفع فلا يجري فيه الاستصحاب، من غير فرق بين القول برجوع مفاد حرمة النقض إلى جعل المماثل أو إلى الامر بالمعاملة مع المشكوك أو الشك معاملة الواقع أو اليقين به، فعلى كل تقدير يحتاج التعبد بالبقاء إلى أثر شرعي وبدونه لا يجري الاستصحاب (ولكنه توهم فاسد) فان العدم بما هو وان لم يكن أثرا شرعيا، الا انه بقاء واستمرارا يكون من الأمور التي تنالها يد الجعل والرفع التشريعي (لان) للشارع إبقاء ذلك العدم وله رفعه وقلبه بالنقيض ولو بجعل ما يقتضى الوجود (ومن الواضح) انه يكفي هذا المقدار من الشرعية في جريان الاستصحاب، إذ لا نعنى من شرعية الأثر في باب الاستصحاب وغيره الا ما يكون أمر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو إبقاء واستمرارا، فإذا كان عدم الجعل وعدم الوجوب والحرمة بهذا الاعتبار أمرا شرعيا يجري فيه الاستصحاب لا محالة.
(وقد يظهر من بعض الاعلام) التفصيل في الاعدام بين ان يكون المستصحب هو عدم الجعل الأزلي السابق على تشريع الاحكام، وبين ان يكون غيره، فمنع عن جريان الاستصحاب في الأول دون الثاني (وأفاد) في وجه التفصيل المزبور بما