توجيه النقض فيها إلى المتيقن، فان مضامينها حينئذ لا تكون الا قاعدة فقهية ظاهرية منطبقة على مواردها كسائر القواعد الفقهية، كقاعدتي الضرر والحرج، وقاعدة الطهارة ونحوها، واستفادة الاحكام الجزئية منها في مواردها انما يكون من باب التطبيق لا الاستنباط، وهو غير مرتبط بوقوعها وسطا لاثبات الحكم الشرعي الكلي في مقام الاستنباط (ولكن الاشكال) كله في التعريف المزبور لما فيه من اقتضائه خروج مسائل الأصول العملية طرا عن مباحث هذا العلم، وكذا مسألة حجية الظن بملاك الانسداد على حكومة العقل، بل وخروج الامارات عنها أيضا بناء على تنزيل المؤدى وجعل حكم المماثل في مرحلة الظاهر (فان) نتيجة دليل اعتبارها حينئذ حكم شرعي كلي ينحل إلى أحكام كلية أصولية وفرعية مطابقة لمؤديات الامارات، لا انها تكون وسطا لاثبات حكم كلي شرعي فرعي واقعي في مقام استنباطه، مع أنه كما ترى، فان هذه المسائل من أهم مباحث هذا العلم، ولأجل ذلك قلنا في مبحث تعريف علم الأصول ان الجري، هو ان يقال في تعريفه انه هي القواعد الخاصة التي تعمل في استخراج الاحكام الفرعية الواقعية، أو الوظائف العملية عند التحير وعدم انكشاف الواقع بعلم أو علمي عقلية كانت أم شرعية وإن كان الامر سهلا.
الأمر الثالث لا إشكال في مباينة الاستصحاب مع قاعدة اليقين. فان المعتبر في القاعدة ان يكون الشك فيها متعلقا دقة بعين ما تعلق به اليقين بنحو يكون معروض الوصفين واحدا بالدقة العقلية وجودا وحدا ومرتبة، ولذلك لا بد فيها من اختلاف زمان الوصفين واحدا بالدقة العقلية وجودا وحدا ومرتبة، ولذلك لا بد فيها من اختلاف زمان الوصفين مع اتحاد زمان المشكوك والمتيقن لاستحالة طروهما على محل واحد في زمان كذلك (بخلاف الاستصحاب) فان فيه يختلف معروض الوصفين دقة في عالم عروضهما، حيث إن معروض اليقين فيه هو أصل ثبوت الشئ في زمان، ومعروض الشك هو حيث بقائه في ثاني زمان حدوثه بحيث يكون المتحقق في هذه المرحلة قضيتان قضية متيقنة أبدية وقضية مشكوكة أزلية بلا ارتباط بينهما من جهة الحدوث والبقاء الا من جهة الذات التي هي منشأ انتزاعهما في مرحلة الاتصاف في الخارج (وبذلك) يكون الاستصحاب على عكس القاعدة، فإنه يعتبر فيه اختلاف