(وبهذا الوجه أيضا) صححنا إطلاق الوسطية في الثبوت والاثبات على الظن بلا لزوم مغالطة في القياس فراجع كما أنه بهذه الجهة من المبرزية ولو في ظرف وجود لب الحكم تكون هذه الخطابات موجبة لتنجيز الواقع المنوط تنجزه بوصوله إلى المكلف بلا احتياج في منجزيتها للواقع إلى عناية أخرى في البين من نحو إثبات الاحراز و تتميم الكشف وغيره، ولذا نجري حتى في مثل إيجاب الاحتياط الذي لا عناية فيه بوجه أصلا، حيث كان موجبا لتنجيز الواقع في مورده ولاستحقاق العقوبة في ترك الاحتياط على مخالفته لا على مخالفة نفسه، ولا يضر الجهل بالفرض المزبور بعد كون الحكم على تقدير وجوده مقرونا بالبيان الواصل، لأنه بمثله يرتفع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان بلحاظ ان موضوعه هو عدم البيان على تقدير وجود الحكم لا عدم البيان بقول مطلق وسيجئ لذلك مزيد بيان في محله إن شاء الله تعالى (وبالتأمل فيما ذكرناه) ينقدح ما في كلام بعض الأعاظم قده من التفصيل بين الامارات والأصول في جهة قيامهما مقام القطع، بدعوى ان المجعول في الطرق والامارات حيث كان هي المحرزية والكاشفية كان موجبا لتخصيص جهة قيامها مقام العلم بالجهة الثانية من العلم أعني الطريقية والكاشفية التي كان العلم واجدا لها بذاته، لأنه بنفس تتميم الكشف يتحقق مصداق الاحراز والعلم بالواقع وبتحققه يترتب عليه تنجيز الواقع فيترتب عليه بحكم العقل جهة البناء والجري العملي بخلاف الأصول المحرزة فان المجعول فيها عبارة عن الجهة الثالثة من العلم وهو الجري والبناء العملي على ثبوت الواقع، ولا يمكن ان يكون المجعول فيها هي الكاشفية كالامارات، لان ذلك انما يكون فيما فيه جهة كشف عن الواقع، ولو ناقصا ولا كشف للشك الذي أخذ موضوعا في الأصول (إذ نقول) ان المراد من مجعولية الاحراز والطريقية والكاشفية، اما ان يكون احداث حقيقته التي هي منشأ انتزاع مفهومه بنحو يطبقه العقل على المورد بالوجدان، واما ان يكون إحداثه عناية وادعاء بادعاء ما ليس بمحرز حقيقة محرزا حقيقيا المستلزم لكون تطبيق عنوانه على المورد بنحو العناية والادعاء نظير جعل الحياة أو الممات لزيد بالجعل التشريعي ولا ثالث لهذين المعنيين (والأول) واضح الاستحالة لبداهة ان الجعل التشريعي انما يتعلق بالحقائق الجعلية التي يكون تشريعها عين تكون حقيقتها في
(١٩)