التكوينية حيث ترى انه متى تريد شيئا تريد بالجبلة مقدماته أيضا فمتى تعلق إرادتك بشرب الماء لغرض هو رفع العطش تقصد تحصيله فتصير بصدد تحصيله بشراء ونحوه وإذا كان تحصيله يتوقف على المشي إلى مكان تقصد المشي إلى ذلك المكان، وهكذا غيره من المقدمات، بخلاف ما لا يكون مقدمة من الملازمات القهرية كالمشي تحت السماء ونحوه فإنها وإن كانت مما لا بد منه عقلا الا انها غير مقصودة ولا مرادة في مشيك بوجه أصلا، وحينئذ فإذا كان ذلك شأن الإرادات التكوينية المتعلقة بالاغراض كذلك تكون مثلها الإرادات التشريعية، حيث لا فرق بينهما الا في كون الأولى محركة لنفس المراد والثانية للمأمور نحو المراد، ففي الإرادات التشريعية أيضا يلازم إرادة الشئ والبعث نحوه البعث نحو مقدماته بحيث مع الالتفات إلى مقدميتها يجعلها في قالب طلب مثله فيطلبها ويأمر بإيجادها، بل قد عرفت سابقا بان ذلك مقتضى أكثر الواجبات في العرفيات والشرعيات حيث كان وجوبها بحسب اللب وجوبا غيريا من جهة انتهائها بالآخرة إلى أمر واحد يكون هو المراد والمطلوب النفسي، وعليه ففي نفس هذا الوجدان والارتكاز غنى وكفاية في إثبات الوجوب الغيري للمقدمات عن الاستدلال على وجوبها بل ولعله وهو العمدة في الباب.
والا فمع الغض عنه لا يكاد يتم الاستدلال على وجوبها بالبرهان المعروف عن البصري بأنه لو لم تجب لجاز تركها وحينئذ فان بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بما لا يطاق والا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا.
وذلك لما فيه بأنه ان أريد من التالي في الشرطية الأولى الإباحة الشرعية فعلية وان صدق الشرطية الثانية حيث لا يمكن بقاء الواجب على وجوبه مع ترخيص الشارع في ترك مقدمته إلا أن الملازمة حينئذ ممنوعة نظرا إلى عدم اقتضاء مجرد عدم وجوب المقدمة للترخيص في تركها، وان أريد به مجرد عدم المنع الشرعي عن الترك من جهة عدم اقتضاء فيه للالزام فهو إن كان صحيحا ولكنه نمنع حينئذ صدق إحدى الشرطيتين وهو لزوم التكليف بما لا يطاق أو خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا، فأنه بعد عدم اقتضاء مجرد عدم المنع الشرعي عن الترك لخروج الواجب عن القدرة نقول ببقاء الواجب حينئذ على وجوبه ولزوم الاتيان به بإيجاد مقدماته بمقتضى اللابدية العقلية هذا بناء على إرادة الجواز وعدم المنع الشرعي عما أضيف إليه الظرف في قوله (وحينئذ)، واما لو