الشرطية في كون المنوط به للطلب هو نفس القيد والشرط لا أمرا آخر ملازما لوجوده كما يقتضى البيان المزبور من جعل الطلب من تبعات عدم المانع الذي هو ملازم لوجود القيد، نقول بأنه مع تمامية المصلحة في المتعلق وهو المقيد وعدم مزاحمتها مع مفسدة أهم وجودا لا محالة يكون مجرد الالتفات إلى تلك المصلحة غير المزاحمة مع المفسدة علة تامة للاشتياق التام البالغ إلى حد الإرادة، وفي مثله لا يكاد يمنع عنه ما ذكر من المانع والمفسدة المزبورة بعد عدم مزاحمتها وجودا مع مصلحة المطلوب، وذلك من جهة ان تلك المفسدة حسب ترتبها على الإرادة والطلب تكون معلولة للطلب وفي رتبة متأخرة عنه فيستحيل حينئذ مانعيتها عن نفس الطلب فضلا عن ممانعتها عن مصلحة المطلوب والمتعلق. وتوهم ان المانع حينئذ عن الطلب حقيقة هو العلم بترتب المفسدة على الطلب لا نفس المفسدة فلا محذور مدفوع بان مانعية العلم انما تكون باعتبار كشفه عن معلومه فكان ما هو المانع بنظر العقل هو نفس المعلوم و المنكشف دون العلم وحينئذ يتوجه المحذور المزبور بأنه كيف يمكن مانعية ما هو معلول الشئ وفي رتبة متأخرة عنه عن ذلك الشئ؟ ومن ذلك أيضا نقول بامتناع تبعية الاحكام لمصالح في نفسها وانها لا بد من كونها تابعة لمصالح في متعلقاتها فتصح الكلية المدعاة بان الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية وان كل ما حكم الشرع بوجوبه يحكم العقل بحسنه.
ومن ذلك البيان ظهر أيضا عدم صحة ما أفاده من المقايسة المزبورة بما في موارد الأصول والامارات المؤدية إلى خلاف الواقع وفي الاحكام التي لم يكشف عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا الأئمة عليهم السلام فبقيت إلى زمان القائم عجل الله فرجه الشريف إذ نقول بان عدم فعلية تلك الأحكام في الموارد المزبورة يمكن ان يكون من جهة مزاحمة مصالحها لمصالح أخرى أهم ولو كانت هي مصلحة التسهيل أو لمفسدة كذلك بحسب الوجود، فلا يرتبط حينئذ بالمقام المفروض خلو المتعلق فيه عن المفسدة، وحينئذ نقول:
بان المولى بعد ان لاحظ المقيد وعلم بان فيه مصلحة غير مزاحمة مع المفسدة لا جرم يحدث في نفسه الاشتياق التام فيريده فعلا من دون حالة منتظرة أصلا.
نعم إبراز تلك الإرادة وإظهارها ربما يحتاج إلى عدم المانع إذ لا يكفي فيه مجرد العلم بالمصلحة ولا الاشتياق التام نحوه، ومن ذلك نرى بالوجدان ان الانسان ربما يشتاق إلى الشئ بل يريده أيضا من عبده بإرادة فعلية ولكن مع ذلك لا يتمكن من إبراز الإرادة و