المزبور امتناعا عن سوء الاختيار حتى يترتب عليه بمقتضى القاعدة المزبورة الحكم باستحقاق العقوبة على التفويت، كما هو واضح. و حينئذ فمن أين يمكن إثبات وجوب المقدمات المزبورة بمقتضى القاعدة المزبورة حتى أمكن استكشاف وجوبها الشرعي أيضا ولو بنحو متمم الجعل؟ واما توهم كفاية العلم بتوجه التكليف الفعلي إليه فيما بعد وابتلائه بغرض المولى بعد حصول الشرط في حكم العقل بلزوم تحصيل المقدمات من الحين واستحقاقه للعقوبة على تفويته بترك تحصيل مقدماته الوجودية من الحين، من جهة انتهاء امتناعه في ظرفه إلى اختياره، كما يشهد عليه ضرورة الوجودان فيمن يعلم ابتلائه بعد ساعة بعطش شديد في بر لا يكون فيه ماء مع كونه قادرا في الحال على تحصيل الماء وحفظه لوقت احتياجه إلى الشرب لرفع عطشه، فإنه لا شبهة في أنه يجب عليه تحصيل الماء في وقته و حفظه إلى وقت احتياجه بحيث لو لم يحصل الماء ولم يحفظه فأصابه من العطش من أصاب يكون مذموما عند العقلا على ما اصابه من العطش بواسطة عدم تحفظه وعدم تحصيله الماء عند تمكنه منه، ومن المعلوم انه لا يكون له وجه الا وجوبه عليه من الأول.
فمدفوع أيضا بأنه ان أريد بذلك كونه مكلفا من الحين بحفظ الواجب فيما بعد من قبل مقدماته الوجودية الاختيارية فهو صحيح، ولكنه يرجع إلى ما ذكرناه من فعلية الوجوب والتكليف في المعلق والمشروط قبل حصول المنوط به والشرط في الخارج، من جهة انه لا نعنى من فعلية الوجوب والتكليف فيهما قبل حصول الشرط الا هذا المقدار وعليه أيضا يكون وجوب المقدمات الوجودية وجوبا غيريا ترشحيا لا نفسيا تهيئيا، وان أريد انه لا يكون في الحال تكليف فعلى بالنسبة إلى ذيها ولو بهذا المقدار وان فعلية التكليف بقول مطلق انما يكون فيما بعد وفي ظرف حصول المنوط به والشرط في الخارج إلا أن مجرد العلم بحصول الشرط في الخارج وثبوت التكليف فيما بعد موجب لوجوب تحصيل مقدماته الوجودية من الحين واستحقاق العقوبة على تفويت الواجب في ظرفه بترك تحصيل مقدماته الوجودية بلحاظ انتهاء فوت الواجب في ظرفه إلى اختياره، فهو ممنوع جدا، حيث نقول بان ما هو المصحح للعقوبة على تفويت الواجب انما هو البيان في ظرف التكليف لا مطلقه ولو في القبل، كما هو الشأن أيضا في طرف العكس حيث كان اللا بيان الموضوع لقبح العقوبة هو خصوص اللا بيان في ظرف التكليف لا مطلق عدم البيان ولو