الطلب ولزوم كونه من قيود المادة وجهان: تارة بما اختاره الكفاية من المسلك في الحروف والهيئات: من جعل معانيها معاني آلية لمتعلقاتها وجعل الفارق بينها وبين الأسماء من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالي بتقريب ان لازم آلية المعنى فيها ومرآتيته هو عدم جواز تقييده نظرا إلى اقتضاء التقييد لكونه ملحوظا استقلالا واستلزام ذلك لانقلاب المعنى عن كونه معنى حرفيا إلى المعنى الاسمي بل واستلزامه لاجتماع النظرين أيضا النظر الآلي والاستقلالي، وأخرى بان معاني الهيئات كالحروف معان جزئية لكونها من قبيل الوضع العام وخاص الموضوع له، فلا إطلاق للفرد الموجود من الطلب المتعلق بالفعل المنشأ بالهيئة حتى يصح تقييده، مع أن تفرع تقيد الشئ على إطلاقه كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار هذا.
ولكن يرد على الوجهين المزبورين المنع عن أصل المبنى فإنه قد تقدم في محله ان الحروف وكذا الهيئات معانيها عبارة عن الإضافات الخاصة والارتباطات القائمة بالطرفين، فكان الفرق حينئذ بينها وبين الأسماء من جهة نفس المعنى والملحوظ لا من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالي كما عليه مسلك الكفاية، كما أنه قد تقدم أيضا عموم الموضوع له فيها كالوضع نظرا إلى تحقق القدر المشترك بين الإضافات الخاصة من كل سنخ منها، وعليه فلا مانع عن ورود القيد على الهيئة بوجه أصلا، على أنه لو سلم كون المعنى فيها جزئيا و خاصا فإنما هو باعتبار الخصوصيات الذاتية، وهذا المقدار لا يقتضى خروج المعنى فيها عن الاطلاق وعن قابلية التقييد بالنظر إلى الطواري والعوارض اللاحقة، ولذلك ترى ان زيدا مع كونه جزئيا وخاصا كان مطلقا بالنظر إلى الحالات والطواري العارضة عليه من نحو القيام والقعود ونحوهما.
نعم لو أريد من خصوصية المعنى فيه وجزئيته كونه خاصا وجزئيا بقول مطلق على معنى اشتماله على جميع ما يفرض من الخصوصيات حتى الناشئة من الطواري الخارجية بحيث كان انشاء مدلول الهيئة مساوق انشاء الطلب المقيد لكان لما ذكر من عدم قابلية المعنى في الهيئة للتقييد كمال مجال، وعليه أيضا لا يكاد يتوجه إشكال الكفاية (قدس سره) بأنه انما يمنع عن التقييد فيما لو أنشأ أولا غير مقيد لا ما إذا أنشأ من الأول مقيدا بنحو الدالين والمدلولين فإنه غير إنشائه أولا ثم تقييده ثانيا، إذ نقول بأنه على هذا الفرض لا محالة يكون القيد المزبور من خصوصيات الطلب المدلول بالهيئة حيث كان