المولى في هذه الموارد - بعد معلومية كونه لأجل التوصل إلى وجود المراد البعدي لا من جهة مطلوبيته نفسا بمقتضى تبعية الإرادة الغيرية للإرادة النفسية في الفعلية والشأنية واستحالة الانفكاك بينهما - أقوى شاهد وأعظم برهان على فعلية إرادة المطلوب و تحققها أيضا، كيف وان كثيرا ما لا يكون للمولى إرادة فعلية في ظرف حصول قيد الواجب وذلك لما يعرض عليه من الحالات المنافية معها كالنوم والغشوة والغفلة ونحو ذلك كما لو قال افعل غدا كذا مع كونه في الغد نائما أو مغشيا عليه، فعلى هذا المسلك يلزم القول بخلو هذا الانشاء عن الطلب والمصير إلى عدم وجوب شئ على المأمور في ظرف الغد، مع أنه كما ترى، فإنه لا شبهة في أنه يجب عليه الاتيان بما امره المولى به في الغد وانه لو تركه يصح للمولى ان يعاقبه، ولا يصح له الاعتذار بأنه لم يصدر من المولى طلب ولا بعث فعلى، لان الانشاء منه غير متكفل للبعث الفعلي وفي ظرف الغد كان المولى نائما غير مريد للفعل بإرادة فعلية، وهكذا فيما لو علق المولى طلبه بما هو ضده كالنوم والغشوة بقوله:
(ان نمت فافعل كذا في حال نومي وان غشي على فاصنع كذا وأعط زيدا كذا وان مت فافعل كذا) فإنه على ما ذكرنا من عدم فعلية الإرادة في ظرف الانشاء يلزم عدم وجوب شئ على العبد في الأمثلة المزبورة من جهة عدم ملزم عليه في البين يقتضى وجوب الاتيان بالمأمور به بعد فرض خلو الانشاء المزبور عن الطلب وانتفائه أيضا بالوجدان في حال النوم والغشوة، مع أنه كما ترى، فان بداهة الوجدان قاض بوجوب الاتيان عليه بما هو المأمور به في ظرفه واستحقاقه للعقوبة على الترك فيما لو خالف، ومعلوم انه لا يكون له وجه إلا إنشائه المتكفل لفعلية طلبه ومن ذلك يصح للمولى ان يحتج عليه بذلك بقوله:
(انى بعثتك نحو العمل وطلبته منك بقولي افعل كذا في الغد ان نمت أو غشي علي) كما هو واضح وحينئذ فكان ذلك كله من الموهنات للقول بإنكار المعلق وإرجاعه إلى المشروط فتدبر.
نعم لو كان لا بد من إنكاره وإرجاعه إلى المشروط، فكان الحري حينئذ إرجاعه إلى المختار من المشروط الذي لا ينافي مع فعلية الإرادة كما صنعه بعض الاعلام في درره فيلتزم حينئذ بفعلية الإرادة المنوطة بالفرض واللحاظ - كما حققناه - المستتبعة لعدم محركيتها نحو المطلوب الا في ظرف تحقق الشرط والمنوط به في الخارج مع تأثيرها أيضا في نفس المكلف فعلا بالنسبة إلى المقدمات المفوتة، وإن كان ذلك أيضا خلاف التحقيق، كما مر