مخصص آخر لا مجال لأصالة العموم بالنسبة إليه، من جهة انتفاء الشك الذي به قوام جريان دليل التعبد بالظهور، واما ثمرة ذلك فإنما هي دخول ذلك الفرد الآخر بإجراء أصالة العموم فيه في العلم الاجمالي، فيحكم عليه بقواعده المقررة في محله.
نعم قد يتوهم جواز التمسك بأصالة العموم حينئذ بالنسبة إلى كل واحد من الفردين المعلوم خروج أحدهما بمقتضى الخاص المجمل، في مورد كان مفاد دليل الخاص هو نفى الالزام، كما لو كان مفاد العام هو وجوب الاكرام لكل واحد من العلماء وكان مفاد الخاص هو عدم وجوب الاكرام بالنسبة إلى زيد المردد بين زيد بن عمرو وزيد بن بكر، نظير جريان الأصلين المثبتين في الطرفين في مورد العلم الاجمالي بنفي الالزام في أحدهما، بتقريب ان مانعية العلم الاجمالي عن جريان الأصول في الطرفين انما هو من جهة استلزامها المخالفة العملية للتكليف الفعلي المعلوم، والا فالعلم الاجمالي بنفسه لا يكاد يمنع عن جريان الأصول في الأطراف، من جهة ما تقرر في محله من اختلاف المتعلق فيهما، وكون المتعلق للعلم الاجمالي هو العنوان الاجمالي المعبر عنه بأحد الفردين وإحدى الخصوصيتين، و متعلق الشك هو كل واحد من العناوين التفصيلية، وحينئذ فبعد ان فرض عدم استلزامه لمحذور المخالفة العملية في المقام فلا جرم يجري أصالة العموم بالنسبة إلى كل واحد من زيدين وبمقتضاها يحكم بوجوب إكرام كل واحد منهما، كما كان هو الشأن أيضا في الأصلين المثبتين في مورد العلم الاجمالي بنفي التكليف.
ولكنه توهم فاسد نظرا إلى الفرق الواضح بين المقامين حيث إن الامارات باعتبار حجيتها في مداليلها الالتزامية يمنع عن جريانها في أطراف العلم الاجمالي، بملاحظة انتهاء الأمر فيها بهذه الجهة إلى التعارض كما في الخبرين القائمين أحدهما على وجوب صلاة الجمعة يوم الجمعة والاخر على وجوب صلاة الظهر فيه، مع العلم بعدم وجوب الصلاتين على المكلف. وهذا بخلافه في الأصول فإنها من جهة عدم حجية مثبتاتها لا يكاد انتهاء الأمر فيها من نفس جريانها في أطراف العلم الاجمالي إلى التعارض كما في الامارات، فمن ذلك لا بأس بجريانها و التعبد بها في كل واحد من أطراف العلم الاجمالي عند عدم استلزامه للمخالفة العملية للتكليف المعلوم. هذا مما أفاده الأستاذ في إبدأ الفرق بين المقامين.
ولكن أقول: بأنه لا يحتاج في المنع عن جريان أصالة العموم في الطرفين إلى التشبث