التقييد بكونها مؤمنة ينقلب الذات عن كونها تمام الموضوع إلى جز الموضوع، فيصير الموضوع عبارة عن الرقبة المقيدة بالايمان، بنحو خروج القيد ودخول التقيد.
وبالجملة فرق واضح بين باب التخصيص والتقييد حيث إنه في الأول لا يكاد يكون قضية التخصيص الا مجرد إخراج بعض الافراد أو الأصناف عن دائرة موضوع العام الموجب لحصر لحكم العام ببقية الافراد أو الأصناف من دون اقتضائه لتغيير في ناحية الافراد الباقية في مقام موضوعيتها للحكم، بخلاف الثاني حيث إن شأن دليل التقييد والاشتراط انما هو توصيف الموضوع بوصف خاص وجودي أم عدمي، وبذلك يوجب إخراجه عما عليه قبل التقييد من التمامية في الموضوع إلى جزئه، وعليه فنقول بأنه لا مجال بعد هذا الفرق لمقايسة أحد البابين بالآخر بوجه أصلا.
ثم إنه مما يشهد لما ذكرنا من الفرق بين البابين إطباقهم على عدم جواز التمسك بدليل المطلق في موارد الشك في مصداق القيد، كالشك في طهارة الماء وإطلاقه، حيث لم يتوهم أحد جواز التمسك حينئذ بالاطلاق ما دل على جواز التوضي بالماء لاثبات جواز الوضوء بما شك في طهارته أو إطلاقه، بخلاف موارد الشك في مصداق المخصص في العام، حيث إن فيها خلافا بين الاعلام بل المشهور من القدماء كما قيل على جواز التمسك بالعام. ومن المعلوم انه لا يكون الوجه في ذلك الا ما أشرنا إليه من الفرق بين البابين، والا فلو كان مرجع التخصيص أيضا كالتقييد إلى احداث عنوان سلبي أو إيجابي في ناحية الافراد الباقية تحت العام لما كان وجه لاختلافهم في جواز الرجوع إلى العام في المقام مع إطباقهم على عدم جواز الرجوع إلى دليل المطلق عند الشك في مصداق القيد، كما لا يخفى.
ثم إن هذا كله في بيان الفرق بين كبرى البابين بحسب مقام الثبوت. واما بحسب مقام الاثبات واستظهار انه أي مورد من باب التخصيص وأي مورد من باب التقييد والاشتراط فلا بد في استفادة أحد الامرين من المراجعة إلى كيفية السنة الأدلة. وفي مثله نقول:
بان ما كان منها بلسان الاستثناء كقوله: أكرم العلماء الا زيدا، فلا إشكال في أنه من باب التخصيص حيث إنه لا يستفاد من نحو هذا اللسان أزيد من تكفله لاخراج زيد عن العموم المزبور وحصر حكم العام بما عدا زيد من الافراد الاخر، كما أن ما كان منها بلسان الاشتراط كقوله: يشترط ان يكون كذا وان لا يكون كذا، أو بلسان نفى الحقيقة عند فقدان أمر كذائي كقوله: لا صلاة الا بطهور ولا رهن الا مقبوضا، فلا إشكال أيضا