بوجود الفعل من المأمور والمكلف، وذلك بتقريب ان الإرادة الواقعية لا تكون مما لها الدخل ولو بنحو الاقتضاء لحكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال كي بهذه العناية كانت مصححة للاخبار بوجود العمل والمقتضى وتحققه من المكلف، بل وانما تمام العلة لحكم العقل بوجوب الإطاعة والامتثال انما هو علم المأمور بالإرادة حيث إنه بمحض علمه بإرادة المولى يتبعه حكم العقل بالإطاعة ولو لم يكن في الواقع إرادة للمولى أصلا بان فرض تخلف علمه عن الواقع وكونه جهلا مركبا، وبدون علمه بإرادة المولى لا يكاد حكم عقله بالإطاعة بوجه أصلا ولو فرض ان إرادة المولى كانت متحققة في الواقع ونفس الامر. وعلى هذا فإذا كان تمام العلة لحكم العقل بالإطاعة هو الإرادة بوجودها العلمي لا الواقعي يتوجه عليه: بأنه حين الاخبار حيثما لا يكون للمكلف علم بالإرادة كما هو المفروض فأين المصحح لاخباره بعد فرض عدم مدخلية للإرادة الواقعية ولو بنحو الاقتضاء في حكم العقل بالإطاعة؟ هكذا أورد عليه الأستاذ.
ولكن نقول: بأن إرادة الفعل من المكلف واقعا لما كانت سببا لاعلام المكلف والمأمور به، وكان الاعلام سببا لحكم عقله بالإطاعة، و حكم عقله بالإطاعة سببا لتحقق العمل منه في الخارج، فقهرا بهذا السلسلة الطولية تكون الإرادة سببا ومقتضيا لوجود العلم وتحققه، و معه بأنه يكفي هذا المقدار من الدخل في مصححية الاخبار، كما هو واضح.
وعلى كل حال ففي المقام وجه رابع لاستفادة الطلب من الجمل الخبرية ولعله أوجه من الوجوه المتقدمة، وهو ان يقال: بأن استفادة الطلب من مثل هذه الجمل الواردة في مقام بيان الحكم الشرعي انما هو من جهة كونه من لوازم قضية الجد بإيقاع النسبة التي هي مدلول الجمل، وذلك أيضا بمقتضى التلازم الثابت بين الايقاع الخارجي والإرادة، بتقريب: انه كما أن إخراج المبدأ من كمون الفاعل خارجا و إيقاع النسبة بينه وبين الفاعل في الخارج ملازم مع إرادة الوجود ولا يمكن انفكاكه عنها كذلك هذه النسبة الايقاعية الذهنية، فإذا كان المتكلم في مقام الجد بهذا الايقاع فقضية جده بذلك تقتضي ملازمته مع إرادة الوجود من المكلف، فعليه فكان ما هو المستعمل فيه في تلك الجمل هو النسبة الايقاعية التي تستعمل فيها في مقام الاخبار الا انه لم يقصد بإيقاع تلك النسبة الايقاعية في مقام استعمال الجملة الحكاية عن الواقع الثابت كما في سائر الجمل