والحياة الأبدية، والذكر الطيب الخالد، في زمرة المجاهدين والمصلحين، ويثبت اسمه في سلسلة من ضحوا أنفسهم في سبيل الخدمة للشرع المقدس، واعلاء كلمته، وفازوا بالشهادة في نصح الأمة عامة، وملوكهم خاصة، فصار اسمه حيا خالدا إلى الأبد، بسبب ما قاساه من الأذى والكوارث في طريق دعوته، والويلات أمام مقاصده واهدافه المقدسة، وهو يرى بطرفه العقلي، عواقب تلك الحروب الداخلية بين الأمة، ونتائجها الوخيمة. فمضى متلهفا إلى لقاء ربه، بعد أن دق عظمه، ورق جلده، وهرم جسمه، في أعماق السجون، وظلمات الجباب.
ولكن لم تمنعه تلك الأمكنة الموحشة، وهاتيك الأذى عن تبليغ أفكاره العالية، والدعوة إلى الحق والصراط السوي، فدأب في نصح الأمة بقلمه وعلمه، ووعظهم بقوله وعمله، خاصة لعشيرته وأولاده، فكتب رسالة وجيزة، ونضد درة يتيمة، باللغة العربية في الوصايا والنصايح الحكمية، وخاطب بها أولاده، مخاطبة أب مشفق بار بهم، وأرسلها إليهم، كما سجلها التاريخ النزيه في ألواحه الذهبية (1). ولم يتضح لي إلى اليوم على نحو التحقيق عام شهادته، ولكن لاشك إنه فاز بالشهادة بين سنة 926 ه و 921 ه، نعم ذكر في كتاب (روضات الجنان) - المخطوط - للحافظ حسين (ره) إنه توفى عام 927 ه، ودفن عند أبي أيوب الأنصاري، الصحابي الشهير، في مقبرته المعروفة في قسطنطينية. ولكن ينافيه بعض التواريخ والقرائن القوية كالاعتراض الذي صدع به إبراهيم باشا الصدر الأعظم، في المجلس الرسمي للسلطان سليمان العثماني، كما في تاج التواريخ، حيث يظهر منه أنه توفى في زمن السلطان سليم المتوفي 926 ه، وما نسبه صاحب كتاب (رجال آذربيجان) ص 40 إلى رياض العلماء للأفندي، إنه ذكر أن سيدنا توفى سنة 927 ه، فهو من الأغلاط، وليس في الرياض منه عين