درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ٧٢
نشاهد ذلك وجدانا في الإرادة التكوينية قد توجدها النفس لمنفعة فيها مع القطع بعدم منفعة في متعلقها ويترتب عليها الأثر مثال ذلك ان إتمام الصلاة من المسافر يتوقف على قصد الإقامة عشرة أيام في بلد من دون مدخلية لبقائه في ذلك البلد بذلك المقدار وجودا وعدما ولذا لو بقي في بلد بالمقدار المذكور من دون القصد لا يتم وكذا لو لم يبق بذلك المقدار ولكن قصد من أول الأمر بقائه بذلك المقدار يتم ومع ذلك يتمشى قصد البقاء من المكلف مع علمه بان ما هو المقصود ليس منشأ للأثر المهم وانما يترتب الأثر على نفس القصد ومنع تمشي القصد منه مع هذا الحال خلاف ما نشاهد من الوجدان كما هو واضح فتعين ان الإرادة قد توجدها النفس لمنفعة فيها لا في المراد فإذا صح ذلك في الإرادة التكوينية صح في التشريعية أيضا لأنها ليست بأزيد مئونة منها وكذا الحال في باقي الصفات من قبيل التمني والترجي إذا عرفت هذا فنقول ان المتكلم بالألفاظ الدالة على الصفات المخصوصة الموجودة في النفس لو تكلم بها ولم تكن مقارنة مع وجود تلك الصفات أصلا نلتزم بعدم كونها مستعملة في معانيها واما ان كانت مقارنة مع وجود تلك الصفات فهذا استعمال في معانيها وان لم يكن تحقق تلك الصفات بواسطة تحقق المبدأ في متعلقاتها فتأمل جيدا في الطلب والإرادة الفصل الثاني قد اشتهر النزاع في لن الطلب هل هو عين الإرادة أو غيرها بين العدلية والأشاعرة وذهب الأول إلى الأول والثاني إلى الثاني وملخص الكلام في المقام ان يقال ان أراد الأشاعرة انه في النفس صفة أخرى غير الإرادة تسمى بالطلب فهو واضح الفساد ضرورة انا إذا نطلب شيئا لم نجد في أنفسنا غير الإرادة ومباديها وان أراد ان الطلب معنى ينتزع من الإرادة في مرتبة الإظهار والكشف دون الإرادة المجردة فهما متغاير ان مفهوما
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»