درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٥٣
من وجه فكذا يصح فيما إذا كان عموم مطلق سواء كان من قبيل قولك صل ولا تصل في الدار المغصوبة أو لم يكن كذلك والمسؤول عنه في المسألة الآتية هو ان النهي المتعلق بشيء هل يستفاد منه ان ذلك الشيء مما لا يقع به الامتثال حيث ان المستفاد من إطلاق الأمر حصول الامتثال بأي فرد كان فالمطلوب فيها هو استعلام ان النهي المتعلق بفرد من افراد المأمور به هل يقتضى دفع ذلك الترخيص المستفاد من إطلاق الأمر أو لا ولا ريب ان هذه القضية كما يصح الاستفسار عنها فيما إذا كانا بين المتعلقين إطلاق وتقييد فكذلك يصح فيما إذا كان بينهما عموم من وجه كما إذا كان بينهما عموم مطلق وبالجملة فالظاهر ان اختلاف المورد لا يصير وجها لاختلاف المسألتين كما زعموا بل لا بد من اختلاف جهة الكلام انتهى موضع الحاجة من كلامه، قدس سره (1).
أقول والحق ان العنوانين لو كانا بحيث أخذ أحدهما في الاخر وكان بينهما عموم مطلق أيضا لا يطرق فيهما هذا النزاع وتوضيحه انه لا إشكال في تغاير المفاهيم بعضها مع الاخر في الذهن سواء كان بينها عموم مطلق أو من وجه أو غيرهما وسواء كان أحدهما مأخوذا في الاخر أم لا الا انه لا يمكن ان يقال فيهما إذا كان المفهومين عموم مطلق وكان أحدهما مشتملا على الاخر ان المطلق يقتضى الأمر والمقيد يقتضى النهي لأن معنى اقتضاء الإطلاق شيئا ليس الا اقتضاء نفس الطبيعة إذ لا يعقل الاقتضاء لصفة الإطلاق والمقيد ليس الا نفس تلك الطبيعة منضمة إلى بعض الاعتبارات ولو اقتضى المقيد شيئا منافيا للمطلق لزم ان يقتضى نفس الطبيعة أمرين متنافيين وبعبارة أخرى بعد العلم بان صفة الإطلاق لا تقتضي تعلق الحب بالطبيعة فالمقتضى له نفسها وهي متحدة في عالم الذهن مع المقيد لأنها مقسم له وللمطلق فلو اقتضى المقيد الكراهة لزم ان يكون المحبوب والمبغوض

(١) مطارح الأنظار، الهداية الثانية من بحث اجتماع الامر والنهى، ص 128
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»