أصحابنا الأخباريين الذين لا يتعدون النص في شئ من الاحكام دون شهرة القول الحادثة بين المتأخرين من أهل الرأي والاستنباط فإنها لا اعتماد عليها أصلا كما حققه الشهيد الثاني (ره) في شرح درايته وبين وجهه، ثم نقول: لا منافاة بين روايتي التخيير اما هو في العمل والتوقف في الحكم والفتوى بينه ووجه اذنه (ع) بالتخيير مع أن حكم الله سبحانه واحد في كل قضية ان مع الجهل بالحق يسقط الاخذ به للاضطرار دفعا لتكليف ما - لا يطاق ولهذا جاز العمل بالتقية أيضا فالحكم في مثله اضطراري قال الله تعالى (1): اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم فان الله غفور رحيم ويحتمل ان يكون الحكم بالارجاء والتوقف مختصا بما إذا لم يكن العمل بأحدهما ضروريا في الحال بل كان مما يجوز تأخيره مدة، وحينئذ فالحكم مختص بحال ظهور الإمام (ع)، واما مع الغيبة المنقطعة كهذا الزمان فلا وجه للارجاء فالتخيير متعين كما صرح به العلامة الطبرسي والشيخ الكليني وغيرهما، وسنذكر كلامهما ويؤيد ذلك ما في رواية سماعة بعد الامر بالارجاء إلى لقاء الإمام (ع) فإنه قال: فهو في سعة حتى يلقاه، ويأتي تمام الخبر وعلي هذا لو قلنا بشمول الحكم لحالتي الظهور والغيبة على هذا الاحتمال أيضا لجاز، وربما يحتمل حديث التوقف على الأولوية والأحوطية أو على المبالغة والتأكيد في التثبت وكثرة التفحص عن المرجحات، أو على من ليس له درجة الاستدلال، أو على من يمكنه الترجيح ولم يبحث فيه أو نحو ذلك وما قلناه أولى. واما تخصيصه بالعبادات وتخصيص حديث التخيير بالمعاملات أو عكس ذلك كما وقع لبعض الفضلاء (2) فلا وجه
(٨٨)