والغلط، فيعلم من الأوائل الثواني ومن الكليات الجزئيات المترتبة عليها، ومن البسائط - المركبات، ويعلم حقيقة الانسان وأحواله وما يكملها ويزكيها ويسعدها ويصعدها إلى عالم - القدس، وما يدنسها ويرديها ويشقيها ويهويها إلى أسفل السافلين علما ثابتا غير قابل للتغير ولا محتملا لتطرق الريب فيعلم الأمور الجزئية من حيث هي دائمة كلية ومن حيث لا كثرة فيه ولا تغير وان كانت هي كثيرة متغيرة في أنفسنا وبقياس بعضها إلى بعض وهكذا كعلم الله سبحانه بالأشياء وعلم ملائكته المقربين وعلوم الأنبياء عليهم السلام بأحوال الموجودات الماضية والمستقبلية، وعلم ما كان وعلم ما سيكون إلى يوم القيامة من هذا القبيل، فإنه علم كلي ثابت غير متجدد بتجدد المعلومات ولا متكثر بتكثرها، ومن عرف كيفية هذا العلم عرف معنى قوله عز وجل: وفيه تبيان كل شئ، ويصدق بأن جميع العلوم والمعاني في القرآن الكريم عرفانا حقيقيا وتصديقا يقينيا على بصيرة لا على وجه التقليد والسماع ونحوهما إذ ما من امر من الأمور الا وهو مذكور في القرآن اما بنفسه أو بمقوماته وأسبابه ومباديه وغاياته ولا يتمكن من فهم آيات القرآن وعجائب أسراره وما يلزمها من الاحكام والعلوم التي لا تناهي الا من كان علمه بالأشياء من هذا القبيل.
فصل قال بعض الفضلاء (1): من المعلوم عند اولي الألباب ان الأحاديث الشريفة ناطقة بأن كل واقعة تحتاج إليها الأمة إلى يوم القيامة ورد فيها خطاب قطعي عن الله تعالى فلم يبق شئ على مجرد اباحته الأصلية فالتمسك بالبراءة الأصلية لا يجوز في نفس (2) أحكامه تعالى.
أقول: هذا انما يصح بالنسبة إلى من خصه الله بفهم جميع الأحكام من القرآن