والحكم بالبراءة وان جاز ان يقال: انه لا يجب علينا الاخذ به لأنه غير ثابت لنا، أو نحن في سعة منه حتى يتبين، أو نحو ذلك، وكأنه إلى هذا أشار الفاضل المذكور بقوله: ولا - يجوز التمسك بها في نفس أحكامه تعالى، يعني يجوز في متعلقات أحكامه تعالى كما صرح به في موضع آخر، ويؤيد هذا اختلاف مراتب الناس في مقدار تتبع الأدلة في الوصول إليها وعدمه مع أن ما ورد عن أهل البيت عليهم السلام من أن حكم الله سبحانه واحد في كل قضية وان من اصابه فقد أصاب الحق ومن أخطأه فقد أخطأ الحق وعليه الوزر في فتياه لا ينفى الحكم في الواقع بمجرد أصالة البراءة، كما يأتي في الأصل السابع تحقيقه، وعلى هذا المعنى يحمل ما رواه الصدوق رحمه الله في الفقيه عن الصادق عليه السلام: ان كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى، أي مطلق لكم وموسع عليكم حتى يصل إليكم نهى لا ان الاطلاق حكم الله في الواقع، وبهذا التحقيق يتحقق الجمع بين كثير من الآيات والاخبار المختلفة بحسب الظاهر في الأصول الآتية كما ستطلع عليه إن شاء الله بل يتحقق محاكمة دقيقة بين المخطئة والمصوبة كما يظهر عند التأمل الصادق، ويمكن استنباط هذا الحكم اي جواز التمسك بأصالة البراءة في العمليات من القرآن من قوله عز وجل: وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون (1) ونحوها من الآيات مما يؤدى مؤداها.
الأصل الثاني في أنه لا يعلم علم الكتاب والسنة كله الا من يعلم الناسخ من المنسوخ، والمحكم من المتشابه، والتأويل من الظاهر، والمقيد من المطلق، والعام من الخاص، إلى غير ذلك من الاحكام كلها ولا يعلم ذلك كله الا النبي (ص) ومن أخذ علمه من الله تعالى بواسطته من عترته