قال الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في مذكرة الإملاء ووجه تسميتها ليلة القدر فيه وجهان:
أحدهما: أن معنى القدر الشرف والرفعة، كما تقول العرب: فلان ذو قدر، أي رفعة وشرف.
الوجه الثاني: أنها سميت ليلة القدر، لأن الله تعالى يقدر فيها وقائع السنة، ويدل لهذا التفسير الأخير قوله تعالى: * (إنآ أنزلناه فى ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنآ) *.
وهذا المعنى قد ذكره رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الدخان من الأضواء.
والواقع أن في السورة ما يدل للوجه الأول وهو القدر والرفعة، وهو قوله: * (ومآ أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) *.
فالتساؤل بهذا الأسلوب للتعظيم كقوله: * (القارعة * ما القارعة * ومآ أدراك ما القارعة) *، وقوله: * (خير من ألف شهر) *، فيه النص صراحة على علو قدرها ورفعتها، إذ أنها تعدل في الزمن فوق ثلاث وثمانين سنة، أي فوق متوسط أعمار هذه الأمة.
وأيضا كونها اختصت بإنزال القرآن فيها، وبتنزل الملائكة والروح فيها، وبكونها سلاما هي حتى مطلع الفجر، لفيه الكفاية بما لم تختص وتشاركها فيه ليلة من ليالي السنة.
وعليه: فلا مانع من أن تكون سميت بليلة القدر، لكونها محلا لتقدير الأمور في كل سنة، وأنها بهذا وبغيره علا قدرها وعظم شأنها، والله تعالى أعلم، تذكير بنعمة كبرى.
إذا كانت أعمال العبد تتضاعف في تلك الليلة، حتى تكون خيرا من ألف شهر، كما في هذا النص الكريم. فإذا صادفها العبد في المسجد النبوي يصلي، وصلاة فيه بألف صلاة، فكم تكون النعمة وعظم المنة، من المنعم المتفضل سبحانه، إنه لمما يعلي الهمة ويعظم الرغبة.
وقد اقتصرت على ذكر المسجد النبوي دون المسجد الحرام، مع زيادة المضاعفة