وفي أبي داود وغيره (إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان).
وعلى هذا يكون القرآن موجودا في اللوح المحفوظ حينما جرى القلم بما هو كائن وما سيكون، ثم جرى نقله إلى سماء الدنيا جملة في ليلة القدر، ثم نزل منجما في عشرين سنة. وكلما أراد الله إنزال شيء منه تكلم سبحانه بما أراد أن ينزله، فيسمعه جبريل عليه السلام عن الله تعالى. ولا منافاة بين تلك الحالات الثلاث. والله تعالى أعلم.
وقد قدمنا الكلام على صور كيفية نزول الوحي وتلقى الرسول صلى الله عليه وسلم للوحي.
وقيل: معنى * (أنزلناه فى ليلة القدر) *، أي أنزلنا القرآن في شأن ليلة القدر تعظيما لها، فلم تكن ظرفا على هذا الوجه.
والواقع: أن هذا القول وإن كان من حيث الأسلوب ممكنا إلا أن ما بعده يغني عنه، لأن إعظام ليلة القدر وبيان منزلتها قد نزل فيها قرآن فعلا، وهو ما بعدها مباشرة في قوله: * (ومآ أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) *، إلى آخر السورة.
وعليه، فيكون أول السورة في شأن إنزال القرآن وبيان ظرف إنزاله، وآخر السورة في ليلة القدر وبيان منزلتها.
وقد ذكرت ليلة القدر مبهمة، ولكن جاء في القرآن ما بين الشهر التي هي فيه، وهو شهر رمضان لقوله تعالى: * (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن) *.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في سورة الدخان بيان ذلك، وأنها الليلة التي فيها يبرم كل أمر حكيم، وليست ليلة النصف من شعبان كما يزعم بعض الناس.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، بيان الحكمة من إنزاله مفرقا عند قوله تعالى: * (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولو الا لباب) *. * (ليلة القدر خير من ألف شهر) *. القدر: الرفعة، والقدر: بمعنى المقدار.