وفي الإضافة إلى البيت جاء * (الذى أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف) * وهو الله سبحانه.
وفي الإضافة إلى البلدة جاء * (الذى حرمها) *، وهو الله تعالى.
وفي الإضافة إلى العرش جاء قوله تعالى: * (فتعالى الله الملك الحق لا إلاه إلا هو رب العرش) *.
وفي الإضافة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاء قوله: * (ما ودعك ربك) *، وغير ذلك من الإضافة، إلى أي فرد من أفراد العموم يأتي معها ما يفيد العموم، وأن الله رب العالمين.
وهنا رب الناس جاء معها * (ملك الناس * إلاه الناس) *، ليفيد العموم أيضا. لأن إطلاق الرب قد يشارك فيه السيد المطاع، كما في قوله: * (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) *.
وقول يوسف لصاحبه في السجن * (اذكرنى عند ربك) *، أي الملك على أظهر الأقوال، وقوله: * (ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة) *.
فجاء بالملك والإله للدلالة على العموم، في معنى رب الناس، فهو سبحانه رب العالمين ورب كل شيء، ولكن إضافته هنا إلى خصوص الناس إشعار بمزيد اختصاص، ورعاية الرب سبحانه لعبده الذي دعاه إليه ليستعيذ به من عدوه، كما أن فيه تقوية رجاء العبد في ربه بأنه سبحانه بربوبيته سيحمي عبده لعبوديته ويعيذه مما استعاذ به منه.
ويقوي هذا الاختصاص إضافة الرب للرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أطواره منذ البدأين: بدء الخلقة وبدء الوحي، في قوله: * (اقرأ باسم ربك الذى خلق * خلق الإنسان من علق) *، ثم في نشأته * (ما ودعك ربك وما قلى) * إلى قوله * (ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضآلا فهدى * ووجدك عآئلا فأغنى) *.
وجعل الرغبة إليه في السورة بعدها * (وإلى ربك فارغب) *، تعداد النعم عليه من شرح الصدر، ووضع الوزر، ورفع الذكر، ثم في المنتهى قوله: * (إن إلى ربك الرجعى) *.