أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١٦٨
وساق مرة أخرى وفيه، فقال صلى الله عليه وسلم (هل تتهمون له أحدا؟ قالوا: نتهم عامر بن ربيعة، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه، وقال: علام يقتل أحدكم أخاه، ألا بركت، اغتسل له، فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه، وداخل إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس، ليس به بأس).
فهذه القصة تثبت قطعا وقوع العين، وهذا أمر مجمع عليه من أهل السنة وسلف الأمة، كما أنها ترشد إلى أن من برك، أي قال: تبارك الله.
وفي بعض الروايات لغير مالك: هلا كبرت، أي يقول: الله أكبر ثلاثا، فإن ذلك يرد عين العائن.
كما جاء في السنة (أن الدعاء يرد البلاء) فإذا لم تدفع عند صدورها وأصابت، فإن العلاج منها كما جاء هنا توضأ له، واللفظ الآخر: (اغتسل له).
وقد فصل المراد بالغسل له: أنه غسل الوجه واليدين أي الكفين فقط، والمرفقين والركبتين والقدمين وطرف الإزار الداخلي، ويكون ذلك في إناء لا يسقط الماء على الأرض، ويفرغ هذا الماء على المصاب من الخلف ويكفأ الإناء خلفه.
وقد ذكرها مفصلة القاضي الباجي في شرح الموطأ فقال: وروي عن يحيى بن يحيى عن ابن نافع في معنى الوضوء الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
يغسل الذي يتهم بالرجل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه ورجليه وداخلة إزاره، وقال: ولا يغسل ما بين اليد والمرفق، أي لا يغسل الساعد من اليد.
وروي عن الزهري أنه قال: الغسل الذي أدركنا علماءنا يصفونه: أي يؤتي العائن بقدح فيه ماء، فيمسك مرتفعا من الأرض فيدخل فيه كفه فيمضمض، ثم يمجه في القدح، ثم يغسل وجهه في القدح صبة واحدة، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على كفه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على ظهر كفه اليسرى صبة واحدة، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على مرفقه الأيمن، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على قدمه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على قدمه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على ركبته اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على ركبته اليسرى، كل ذلك في قدح ثم يدخل داخلة إزاره في القدح ولا يوضع القدح
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»