أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٦٩
تعالى * (إنمآ إلاهكم الله الذى لا إلاه إلا هو وسع كل شىء علما) * ووسع كل شيء هنا تساوى عالم الغيب والشهادة، ومنها قوله تعالى * (ألا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء فى السماوات والا رض ويعلم ما تخفون وما تعلنون الله لا إلاه إلا هو رب العرش العظيم) *. وقوله تعالى * (الله لا إلاه إلا هو الحى القيوم) * إلى قوله * (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شآء) *.
وهذا قطعا لا يشاركه فيه غيره، كما قال تعالى: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمهآ إلا هو) * فكان من حقه على خلقه أن يعبدوه وحده لا إلاه إلا هو، وجاء بدليل ثان، وهو قوله تعالى * (هو الرحمان الرحيم) * وقد نص عليه صراحة أيضا كدليل على الوحدانية في قوله تعالى * (وإلاهكم إلاه واحد لا إلاه إلا هو الرحمان الرحيم) * فهو رحمان الدنيا ورحيم الآخرة.
ومن رحمته التي اختص بها في الدنيا قوله: * (وهو الذى ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته) * وقوله: * (فانظر إلىءاثار رحمة الله كيف يحى الا رض بعد موتهآ) * أي: بإنزاله الغيث وإنبات النبات مما لا يقدر عليه إلا هو فكان حقه على خلقه أن يعبدوه وحده لا إله إلا هو.
وقد جمع الدليلين العلم والرحمة معا في قوله تعالى * (ربنا وسعت كل شىء رحمة وعلما) *.
ثم جاءت كلمة التوحيد مرة أخرى، * (هو الله الذى لا إلاه إلا هو) *، وجاء بعدها من الصفات الجامعة قوله: * (الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر) *، وهذا الدليل على وحدانيته تعالى نص عليه في موضع آخر صريحا في قوله تعالى * (قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السماوات والا رض لا إلاه إلا هو يحى ويميت) * فالذي له ملك السماوات والأرض هو الملك الحق الكامل الملك، وهو الذي يملك التصرف في ملكه كما يشاء بالإحياء والإماتة وحده، كما قال تعالى * (تبارك الذى بيده الملك وهو على كل شىء قدير الذى خلق الموت والحيواة) * وهو القدوس السلام المؤمن المهيمن على ملكه كما في قوله أيضا * (الله لا إلاه إلا هو الحى القيوم) * فالقيوم هو المهيمن والقائم بكل
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»