أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٦٨
والأحاديث من السنة على ذلك عديدة بالغة مبلغها في حقه، وكان صلى الله عليه وسلم أرحم الناس به وأشفقهم عليه، حتى قال: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين يشير إلى السبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري وأبو داود والترمذي.
وفي رواية أبي هريرة عند مسلم ومالك: (كافل اليتيم له أو لغيره) أي قريب له أو بعيد عنه.
وعند أحمد والطبراني مرفوعا: (من ضم يتيما من بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه، وجبت له الجنة) قال المنذري: رواه أحمد، محتج بهم إلا علي بن زيد.
وعند ابن ماجة عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم، يحسن إليه. وشر بيت في المسلمين، بيت فيه يتيم يساء إليه).
وجاء عند أبي داود ما هو أبعد من هذا وذلك، حتى إن الأم لتعطل مصالحها من أجل أيتامها، في قوله صلى الله عليه وسلم (أنا وامرأة سفعاء الخدين كهاتين يوم القيامة وأومأ بيده يزيد بن زربع بفتح الزاي وإسكان الباء بالوسطى والسبابة امرأة آمت زوجها بألف ممدودة وميم مفتوحة وتاء أصبحت أيما، بوفاة زوجها ذات منصب وجمال حبست نفسها على يتاماها حتى بانوا أو ماتوا).
وجعله الله دواء لقساوة القلب، كما روى أحمد ورجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال: (امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين).
وهنا يتجلى سر لطيف في مثالية التشريع الإسلامي، حيث يخاطب الله تعالى أفضل الخلق وأرحمهم، وأرأفهم بعباد الله، الموصوف بقوله تعالى: * (بالمؤمنين رءوف رحيم) *، وبقوله: * (وإنك لعلى خلق عظيم) *، ليكون مثالا مثاليا في أمة قست قلوبها وغلظت طباعها، فلا يرحمون ضعيفا، ولا يؤدون حقا إلا من قوة يدينون لمبدأ (من عز بز، ومن غلب استلب) يفاخرون بالظلم ويتهاجون بالأمانة، كما قال شاعرهم: وإنك لعلى خلق عظيم) *، ليكون مثالا مثاليا في أمة قست قلوبها وغلظت طباعها، فلا يرحمون ضعيفا، ولا يؤدون حقا إلا من قوة يدينون لمبدأ (من عز بز، ومن غلب استلب) يفاخرون بالظلم ويتهاجون بالأمانة، كما قال شاعرهم:
* قبيلة لا يخفرون بذمة * ولا يظلمون الناس حبة خردل * ويقول حكيمهم
(٥٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 563 564 565 566 567 568 569 570 571 572 573 ... » »»