أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٩٦
الثاني: خلق الإنسان أولا من ماء دافق، كما في قوله: * (قل يحييها الذى أنشأهآ أول مرة) *.
الثالث: مجموع قوله: * (والسمآء ذات الرجع * والارض ذات الصدع) *، أي إنزال المطر، وإنبات النبات وهو إحياء الأرض بعد موتها. فناسب أن يكون الإقسام على تحقق البعث.
وأكد هذا ما جاء بعده من الوعيد بالإمهال رويدا، وقد سمي يوم القيامة بيوم الفصل، كما في قوله: * (لأي يوم أجلت * ليوم الفصل * ومآ أدراك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين) *.
وذكر الويل في هذه الآية للمكذبين يعادل الإمهال في هذه السورة للكافرين، وإذا ربطنا بين القسم والمقسم عليه، لكان أظهر وأوضح، لأن رجع الماء بعد فنائه بتلقيح السحاب من جديد يعادل رجع الإنسان بعد فنائه في الأرض، وتشقق الأرض عن النبات يناسب تشققها يوم البعث عن الخلائق، والله تعالى أعلم. * (إنهم يكيدون كيدا * وأكيد كيدا) *. نسبة هذا الفعل له تعالى قالوا إنه: من باب المقابلة كقوله: * (ومكروا ومكر الله) *، وقوله: * (إنما نحن مستهزءون الله يستهزىء بهم) *، وهو في اللغة، كقول القائل، لما سئل عن أي الطعام يريد، وهو عار يريد كسوة. الله يستهزىء بهم) *، وهو في اللغة، كقول القائل، لما سئل عن أي الطعام يريد، وهو عار يريد كسوة.
* قالوا اختر طعاما نجد لك طبخة * قلت اطبخوا لي جبة وقيمصا * وقد اتفق السلف، أنه لا ينسب إلى الله تعالى على سبيل الإطلاق، ولا يجوز أن يشتق له منه اسم، وإنما يطلق في مقابل فعل العباد، لأنه في غير المقابلة لا يليق بالله تعالى، وفي معرض المقابلة فهو في غاية العلم والحكمة والقدرة، والكيد أصله المعاجلة للشيء بقوة.
وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: والعرب قد تطلق الكيد على المكر، والعرب قد يسمون المكر كيدا، قال الله تعالى: * (أم يريدون كيدا) *، وعليه فالكيد هنا لم يبين، فإذا كان بمعنى المكر، فقد تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا
(٤٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 501 ... » »»