وقوله تعالى: * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) * فيه بيان مبدء خلق الإنسان، وله أطوار في وجوده بعد النطفة علقة ثم مضغة ثم خلقا آخر، وكل ذلك من لا شيء قبله.
كما قال تعالى: * (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) *.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان ذلك عند الآية الكريمة * (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) *. قوله تعالى: * (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) *. الهداية هنا بمعنى البيان، كما في قوله تعالى: * (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) *.
والسبيل الطريق السوي، وفيه بيان انقسام الإنسان إلى قسمين: شاكر معترف بنعمة الله تعالى عليه، مقابل لها بالشكر أو كافر جاحد.
وقوله: * (إما شاكرا) *، يشير إلى إنعام الله تعالى على العبد، وقد ذكر تعالى نعمتين عظيمتين:
الأولى: إيجاد الإنسان من العدم بعد أن لم يكن شيئا مذكورا، وهذه نعمة عظمى لا كسب للعبد فيها.
والثانية: الهداية بالبيان والإرشاد إلى سبيل الحق والسعادة، وهذه نعمة إرسال الرسل وإنزال الكتب ولا كسب للعبد فيها أيضا.
وقد قال العلماء: هناك ثلاث نعم لا كسب للعبد فيها.
الأولى: وجوده بعد العدم.
الثانية: نعمة الإيمان.
الثالثة: دخول الجنة.
وقالوا: الإيجاد من العدم، تفضل من الله تعالى كما قال: * (لله ملك السماوات والا رض يخلق ما يشآء يهب لمن يشآء إناثا ويهب لمن يشآء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشآء عقيما إنه عليم قدير) *، ومن جعله الله عقيما فلن