((سورة الإنسان)) * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا * إنآ أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا * إن الا برار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا) * قوله تعالى: * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا) *. اتفق المفسرون على أن هل هنا بمعنى (قد) أي أن الاستفهام تقريري يستوجب الإجابة عليه بنعم.
ولفظ الإنسان في * (هل أتى على الإنسان) *، وقيل هو الإنسان الأول آدم عليه السلام، أتى عليه حين من الدهر، لم يكن شيء يذكر.
وقيل: هو عموم الإنسان من بني آدم فيكون المعنى على الأول، أن آدم عليه السلام أتى عليه حين من الدهر قيل: أربعون سنة.
ذكر عن ابن عباس: كان طينا ثم صلصالا حتى نفخ فيه الروح.
ويكون على الثاني أن الإنسان أتى عليه حين من الدهر، هو أربعون يوما نطفة، ثم أربعون يوما علقة، ثم أربعون يوما مضغة، وكل ذلك شيء ولكنه لم يكن مذكورا، أي ضعيفا، وكلاهما محتمل.
ولفظ الإنسان الثاني في قوله تعالى: * (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) * اتفقوا على أنه عام في بني آدم، لأنه هو الذي خلق من نطفة أمشاج أخلاط، وقد رجح الفخر الرازي أن لفظ الإنسان في الموضعين بمعنى واحد، وهو المعنى العام ليستقيم الأسلوب بدون مغايرة بين اللفظين إذ لا قرينة مميزة.
ولعل في السياق قرينة تدل على ما قاله، وهي أن قوله تعالى: * (نبتليه) * قطعا لبني آدم، لأن آدم عليه السلام، انتهى أمره بالسمع والطاعة * (فتلقىءادم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) * ولم يبق مجال لابتلائه، إنما ذلك لبنيه. والله تعالى أعلم.