بالنسبة للجماعة أولى من تقديم الروضة لكونه وصفا عرضيا.
وقد مثل لهذه القاعدة النووي بقوله: فلو أن إنسانا في طريقه إلى الصلاة بالمسجد النبوي فوجد مسجدا آخر يصلي جماعة فكان بين أن يدرك الجماعة مع هؤلاء أو يتركها، ويمضي إلى المسجد النبوي، وتفوته الصلاة فيصلي منفردا بألف صلاة، فقال: يصلي في هذا المسجد جماعة أولى له، لأنه تحصيل الجماعة وصف ذاتي للصلاة، وتحصيل خير من ألف صلاة وصف عرضي بسبب فضل المسجد النبوي ا ه. ملخصا.
وقد يقال أيضا: إن العبد مكلف بإيقاع الصلاة في جماعة أكثر منه تكليفا بإيقاعها في المسجد النبوي، وهكذا الحال فإنا مطالبون بالصف الأول على الإطلاق حيث ما كان أكثر منا مطالبة بالصلاة في الروضة. والعلم عند الله تعالى.
المبحث الخامس وهو في حالة ازدحام المسجد وامتداد الصفوف إلى الخارج في الشارع أو البرحة، فهل لامتداد الصفوف تلك المضاعفة أم لا؟
لنعلم أن فضيلة الجماعة حاصلة بلا خلاف. أما المضاعفة إلى ألف، فلم أقف على نص فيها، وقد سألت الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عن ذلك مرتين ففي الأولى مال إلى اختصاص المسجد بذلك، وفي المرة الثانية وبينهما نحو من عشر سنوات مال إلى عموم الأجر، وقال ما معناه: إن الزيادة تفضل من الله، وهذا امتنان على عباده، فالمؤمل في سعة فضل الله أنه لا يكون رجلان في الصف متجاورين أحدهما على عتبة المسجد إلى الخارج، والآخر عليها إلى الداخل، ويعطي هذا ألفا ويعطي هذا واحدة. وكتفاهما متلاصقتان، وهذا واضح والحمد لله.
وقد رأيت في مسألة الجمعة عند المالكية نصا، وكذلك عند غيرهم ممن يشترطون المسجد للجمعة، فإنهم متفقون أن الصفوف إذا امتدت إلى الشوارع والرحبات خارج المسجد أن الجمعة صحيحة، مع أنهم أوقعوها في غير المسجد، لكن لما كانت الصفوف ممتدة من المسجد إلى خارجة انجر عليها حكم المسجد وصحت الجمعة.
فنقول هنا: كذلك لما كانت الصفوف خارجة عن المسجد النبوي: ينجر عليها حكم المسجد إن شاء الله. والله تعالى أعلم.