أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٧٤
أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) رواه مسلم.
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: (لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم) رواه أحمد ومسلم. وقد فسر الطبع في حديث أبي الجعد بأنه طبع النفاق، كما في قوله تعالى في سورة المنافقون * (ذلك بأنهم ءامنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) *، وقيل: طبع ضلال، كما في الحديث. ثم يكون أي القلب كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا. نسأل الله العافية والسلامة لنا ولجميع المسلمين والتوفيق لفضل هذا اليوم الذي خص الله به هذه الأمة.
مسألة من المخاطب بالسعي هنا، أي من الذي تجب عليه الجمعة تستهل الآية الكريمة بقوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا) *، وهو نداء عام لكل مؤمن ذكر، وأنثى، وحر، وعبد صحيح ومريض، فشمل كل مكلف على الإطلاق كقوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام) *.
وقوله تعالى: (فاسعوا) الواو فيه للجمع، وإن كانت للمذكر إلا أنها عائدة إلى الموصول السابق وهو عام كما تقدم، فيكون طلب السعي متوجها إلى كل مكلف إلا ما أخرجه الدليل.
وقد أخرج الدليل من هذا العموم أصنافا، منها: المتفق عليه، ومنها المختلف فيه.
فمن المتفق عليه: ما أخرج من عموم خطاب التكليف كالصغير والنائم والمجنون لحديث (رفع القلم عن ثلاثة).
وما خرج من خصوص الجمعة، كالمرأة إجماعا فلا جمعة على النساء.
وكالمريض فلا جمعة عليه اتفاقا كذلك.
وهو من يشق عليه أو يزيد مرضه، ومن يمرضه تابع له. وقد اختلف في المسافر
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»