أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٦٥
بدنة) إلى آخره، وأن الحق فيه ما ذهب إليه الجمهور على ما سيأتي إن شاء الله عند مناقشة وقت السعي إلى الجمعة. قال النيسابوري في تفسيره: وكانت الطرقات في أيام السلف وقت السحر وبعد الفجر غاصة بالمبكرين إلى الجمعة يمشون بالسرج. وقيل: أول بدعة أحدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة، إذ البكور إليها من شدة العناية بها. قوله تعالى: * (فاسعوا إلى ذكر الله) *. قرأ الجمهور فاسعوا وقرأها عمر فامضوا. روى ابن جرير رحمه الله أنه قيل لعمر رضي الله عنه: إن أبيا يقرؤها فاسعوا، قال أما إنه أقرؤنا وأعلمنا بالمنسوخ. وإنما هي فامضوا.
وروي أيضا عن سالم أنه قال: ما سمعت عمر قط يقرؤها إلا فامضوا.
وبوب له البخاري قال باب قوله: * (وءاخرين منهم لما يلحقوا بهم) * وقرأ عمر * (فامضوا) *، وذكر القرطبي عن عبد الله بن مسعود أنه قرأه * (وقلوبهم إلى ذكر الله) *، وقال لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي ا ه.
وبالنظر فيما ذكره القرطبي نجد الصحيح قراءة الجمهور لأمرين. الأول: لشهادة عمر نفسه رضي الله عنه أن أبيا أقرؤهم وأعلمهم بالمنسوخ، وإذا كان كذلك فالقول قوله، لأنه أعلمهم وأقرؤهم. أما قراءة ابن مسعود فقال القرطبي: إن سنده غير متصل، لأنه عن إبراهيم النخعي عن ابن مسعود، وإبراهيم لم يسمع من ابن مسعود شيئا ا ه.
وقد اختلف في معنى السعي هنا، وحاصل أقوال المفسرين فيه على ثلاثة أقوال لا يعارض بعضها بعضا.
الأول: العمل لها، والتهيؤ من أجلها.
الثاني: القصد والنية على إتيانها.
الثالث: السعي على الأقدام دون الركوب.
واستدلوا لذلك بأن السعي يطلق في القرآن على العمل، قاله الفخر الرازي. وقال: هو مذهب مالك والشافعي، قال تعالى * (وإذا تولى سعى فى الا رض) *، وقال:
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»