أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ١٢٤
لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله). فلما أصبحت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال (إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به فسمع عمر وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: (يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت ما رأى، فقال صلى الله عليه وسلم فلله الحمد) رواه أبو داود.
وفي رواية له، فقال: (إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان).
فتبين من هذا كله أن الصحيح في مشروعية الأذان أنه كان بعد الهجرة، وفي المدينة المنورة.
وهنا سؤال حول مشروعية الأذان. قال بعض الناس: كيف يترك أمر الأذان وهو بهذه الأهمية من الصلاة فيكون أمر مشروعيته رؤيا يراها بعض الأصحاب، وطعن في سند الحديث واستدل بحديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما من قوله صلى الله عليه وسلم: (قم يا بلال فناد بالصلاة) والجواب عن هذا من عدة وجوه:
منها: سند حديث عبد الله صحيح، وقد ناقشه الشوكاني رحمه الله، وذكر تصحيحه ومن صححه ويشهد لصحته ما قدمناه من رواية الموطأ بإرادة اتخاذ خشبتين، فأرى عبد الله بن زيد خشبتين الحديث، وكذلك في الصحيحين إثبات التشاور فيما يعلم به حين الصلاة.
ومنها: أنه لا يتعارض مع حديث ابن عمر لأن حديث ابن عمر لم يذكر ألفاظ النداء فيكون الجمع بينهما. إما أن بلالا كان ينادي بغير هذه الصيغة، ثم رأى عبد الله الأذان فعلمه بلالا.
وقد يشهد لهذا الوجه ما جاء عن أبي ليلى قال: (أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وحدثنا أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين واحدة، حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور ينادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»