أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٩
قال صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: * (ومن بيننا وبينك حجاب) *.
فإن قلت: هل لزيادة: من في قوله: ومن بيننا وبينك حجاب فائدة؟ قلت: نعم.
لأنه لو قيل: وبيننا وبينك حجاب، لكان المعنى أن حجابا حاصل وسط الجهتين.
وأما بزيادة (من) فالمعنى: أن حجابا ابتدأ منا وابتدأ منك. فالمسافة المتوسطة لجهتنا، وجهتك مستوعبة بالحجاب، لا فراغ فيها. انتهى منه.
واستحسن كلامه هذا الفخر الرازي وتعقبه ابن المنير على الزمخشري، فأوضح سقوطه والحق معه في تعقبه عليه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: * (ومن بيننا وبينك حجاب) *، وقد قدمنا تفسيره وإيضاحه بالآيات القرآنية، في سورة بني إسرائيل، في الكلام على قوله تعالى: * (وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالا خرة حجابا مستورا) *. قوله تعالى: * (قل إنمآ أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنمآ إلاهكم إلاه واحد) *. أمر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة، نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يقول للناس: * (إنمآ أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنمآ إلاهكم إلاه واحد) *.
والقصر في قوله: * (إنمآ أنا بشر) * إضافي أي لا أقول لكم إني ملك، وإنما أنا رجل من البشر.
وقوله: * (مثلكم) * في الصفات البشرية، ولكن الله فضلني بما أوحى إلي من توحيده.
كما قال تعالى عن الرسل في سورة إبراهيم: * (قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولاكن الله يمن على من يشآء من عباده) * أي كان من علينا بالوحي والرسالة.
وما ذكره الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة ذكره في آخر سورة الكهف في قوله تعالى: * (قل إنمآ أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنمآ إلاهكم إلاه واحد فمن كان يرجو لقآء ربه فليعمل عملا صالحا) *.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»