مع أن أصل الإنذار عام شامل للمذكورين وغيرهم كما يدل عليه قوله تعالى * (تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) *.
وإنما خص المذكورين بالإنذار، لأنهم هم المنتفعون به، لأن من لم ينتفع بالإنذار، ومن لم ينذر أصلا سواء في عدم الانتفاع، كما قال الله تعالى * (وسوآء عليهم أءنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) *.
وقوله تعالى، في هذه الآية الكريمة * (بشيرا ونذيرا) * حال بعد حال. وقد قدمنا الكلام عليه وبعض شواهده العربية، في أول سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى * (لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين) *. وبسطنا الكلام عليه في أول سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى * (كتاب أنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (فأعرض أكثرهم) *.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة يس في الكلام على قوله تعالى * (لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون) * وفي سورة الأنعام في الكلام على قوله تعالى * (وإن تطع أكثر من فى الا رض يضلوك عن سبيل الله) *.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة * (فهم لا يسمعون) * أي لا يسمعون سماع قبول وانتفاع.
وقد أوضحنا ذلك بالآيات القرآنية في سورة النمل في الكلام على قوله تعالى * (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعآء) *. قوله تعالى: * (وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفىءاذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب) *. ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن الكفار صرحوا للنبي صلى الله عليه وسلم، بأنهم لا يستجيبون له ولا يؤمنون به، ولا يقبلون منه ما جاءهم به فقالوا له قلوبنا التي نعقل بها، ونفهم في أكنة، أي أغطية.