أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٧ - الصفحة ٥٤٠
((سورة الحديد)) * (سبح لله ما فى السماوات والا رض وهو العزيز الحكيم * له ملك السماوات والا رض يحى ويميت وهو على كل شىء قدير * هو الا ول والا خر والظاهر والباطن وهو بكل شىء عليم * هو الذى خلق السماوات والا رض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج فى الا رض وما يخرج منها وما ينزل من السمآء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير * له ملك السماوات والا رض وإلى الله ترجع الا مور * يولج اليل فى النهار ويولج النهار فى اليل وهو عليم بذات الصدور * ءامنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير * وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين * هو الذى ينزل على عبده ءايات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن الله بكم لرءوف رحيم * وما لكم ألا تنفقوا فى سبيل الله ولله ميراث السماوات والا رض لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولائك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير * من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم * يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجرى من تحتها الا نهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم * يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءامنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا ورآءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب * ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولاكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الا مانى حتى جآء أمر الله وغركم بالله الغرور * فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هى مولاكم وبئس المصير) * قوله تعالى: * (سبح لله ما فى السماوات والا رض وهو العزيز الحكيم) *. قد قدمنا مرارا أن التسبيح هو تنزيه الله عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، وأصله في اللغة الإبعاد عن السوء، من قولهم سبح. إذا صار بعيدا، ومنه قيل للفرس: سابح، لأنه إذا جرى يبعد بسرعة، ومن ذلك قول عنترة في معلقته: سبح لله ما فى السماوات والا رض وهو العزيز الحكيم) *. قد قدمنا مرارا أن التسبيح هو تنزيه الله عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله، وأصله في اللغة الإبعاد عن السوء، من قولهم سبح. إذا صار بعيدا، ومنه قيل للفرس: سابح، لأنه إذا جرى يبعد بسرعة، ومن ذلك قول عنترة في معلقته:
* إذ لا أزال على رحالة سابح * نهر تعاوره الكماة مكلم * وقول عباس بن مرداس السلمي:
* لا يغرسون فسيل النخل حولهم * ولا تخاور في مشتاهم البقر * * إلا سوابح كالعقبان مقربة * في دارة حولها الأخطار والفكر * وهذا الفعل الذي هو سبح قد يتعدى بنفسه بدون اللام كقوله تعالى: * (وتسبحوه بكرة وأصيلا) *، وقوله تعالى * (ومن اليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا) *، وقد يتعدى باللام كقوله هنا: * (سبح لله) *، وعلى هذا فسبحه وسبح له لغتان كنصحه ونصح له. وشكره وشكر له، وذكر بعضهم في الآية وجها آخر، وهو أن المعنى: * (سبح لله ما فى السماوات والا رض) *، أي أحدث التسبيح لأجل الله أي ابتغاء وجهه تعالى. ذكره الزمخشري وأبو حيان، وقيل: * (سبح لله) * أي صلى له.
وقد قدمنا أن التسبيح يطلق على الصلاة، وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أهل السماوات والأرض يسبحون لله، أي ينزهونه عما لا يليق، بينه الله جل وعلا في آيات أخر من كتابه كقوله تعالى في سورة الحشر * (سبح لله ما فى السماوات وما فى الا رض وهو العزيز الحكيم) * وقوله في الصف * (سبح لله ما فى السماوات وما فى الا رض وهو العزيز الحكيم) * وقوله في الجمعة * (يسبح لله ما فى السماوات وما فى الا رض الملك القدوس العزيز الحكيم) *، وقوله في التغابن * (يسبح لله ما فى السماوات وما فى الا رض له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير) *.
وزاد في سورة بني إسرائيل أن السماوات السبع والأرض يسبحن لله مع ما فيهما
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»